اللهم إلاّ أن يراد بالمأمور به ذات الفعل مع قطع النّظر عن كيفياته المعتبرة فيه شرعا ، وبالوجه تلك الكيفيات ليكون تأسيسا ، وهو كما ترى ، فإنّه ارتكاب للتجوّز في لفظ المأمور به لتصحيح كون القيد تأسيسا.
ثمّ إنّه قد يفسّر الوجه أيضا : تارة بالعنوان ، فيكون المراد الإتيان بالمأمور به على العنوان الّذي امر به بذلك العنوان.
وفيه ـ أيضا ـ ما مرّ من تضمّن المأمور به لذلك ، فإنّ المأمور به هو العنوان لا ذات الفعل ، فإنّه إذا أمر بالقيام لأجل التعظيم فالمأمور به حقيقة هو التعظيم لا القيام.
وأخرى بالوجه الّذي قال المتكلّمون بلزوم قصده في العبادة ، وهو كيفية الطلب من الوجوب والندب.
وفيه : أنّ احتمال إرادة هذا المعنى منه في المقام مقطوع العدم ، لأن الخلاف هنا إنّما هو بعد الإغماض عن سائر الخلافات وفرض الإتيان بالمأمور به كما امر به على مقتضى اعتقاد المأمور ، فان كان اعتقاده بلزوم قصد الوجه يكون (١) مفروض البحث إتيانه به معه ، وإلاّ فلا.
هذا تمام الكلام في بيان المراد من المفردات الواقعة في تحرير الخلاف في المقام.
الثالث : (٢) لا خفاء في الفرق بين هذه المسألة وبين كلّ من مسألتي المرّة والتكرار ، وأن القضاء بالأمر الأوّل أو بأمر جديد.
أمّا افتراقها عن أولى تينك المسألتين ، فلأنّ الخلاف هناك في تشخيص المأمور به من أنّه هو المرة أو التكرار أو الطبيعة المطلقة ، وفي المقام بعد إحراز
__________________
(١) في الأصل : فيكون ..
(٢) أي ( الأمر الثالث ).