فيها من طرق استنباط الحكم الفرعي ومن مقدماته الممهّدة له ، فتعمّ كلّ ما كان المطلوب فيها من مقدّماته ، ولا ريب أنّ إحراز ذات الدليل أيضا من المقدّمات ، ضرورة أنّ العلم بحجّيّة العقل لا يكفي في استنباط حكم الضدّ الموسّع ـ مثلا ـ إلاّ بعد العلم بأنّه يحكم بالملازمة بين الأمر بالشيء وبين النهي عن ضدّه وعدمه (١) ، وكذلك أنّ العلم بحجّيّة الخبر ـ مثلا ـ لا يكفي في استنباط حكم الكرّ الملاقي للنجس أو القليل الملاقي له ما لم يعلم بوجود قوله عليه السلام : « إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » (٢).
هذا مضافا إلى أنّ المسائل الأصوليّة العقلية المختلف فيها إنّما يقع البحث فيها عن وجود حكم العقل لا عن حجّيّته ، إذ لا خلاف لأحد فيها بعد إحراز الصغرى إلاّ عن بعض الأخباريين ، وهو بمكان من الضعف لا يلتفت إليه لكونه مصادمة للضرورة ، وشبهة في مقابلة البديهة.
والحاصل : أنّ المسائل الأصولية العقلية ـ الدائرة بين الأعلام الواقعة محالّ للنقض والإبرام ـ لا يرجع الكلام فيها إلاّ إلى الصغرى إلاّ أنّ البحث في بعضها إنّما يقع عن حكم العقل المستقلّ ، وفي بعضها عن حكمه التّبعي ، كما في المقام وفي أكثر المسائل المشار إليها.
وبالجملة : كلّما يقع في طريق استنباط الحكم الشرعي الفرعي من حيث
__________________
(١) تذكير الضمير باعتبار رجوعه على العلم.
(٢) الكافي : ٣ ـ ٢ ـ كتاب الطهارة ـ باب : الماء الّذي لا ينجسه شيء. ـ ح : ١ و ٢.
والاستبصار : ١ ـ ٦ ـ كتاب الطهارة ـ أبواب المياه وأحكامها ـ باب مقدار الماء الّذي لا ينجّسه شيء. ـ ح : ١ و ٢.
وصدر الحديث في المصدرين هكذا : ( إذا كان الماء قدر .. ). ، وكذا في الوسائل : ١ ـ ١١٧ ـ ١١٨ ـ كتاب الطهارة ـ أبواب الماء المطلق ـ باب : ٩ عدم نجاسة الكرّ ... ـ ح : ١ و ٢ و ٥ و ٦.