الذين ذكروها في مباحث الأوامر مع تعرّضهم للدلالة العقلية فهو إنّما لمجرّد التبعيّة له ـ قدّس سرّه ـ.
هذا ، مضافا إلى أنّه لم يستدلّ أحد من المثبتين على وجوب المقدّمة بظهور الأمر فيه لفظا وإن وقع إنكار الدلالات الثلاث في كلام بعض المنكرين ، لكنّه بعد ظهور المراد لا بدّ من حمله على شدّة النكير.
وكيف كان فالظاهر ـ بل المقطوع به ـ أنّ النزاع في ثبوت الملازمة عقلا بين وجوب شيء وبين وجوب مقدّمته ، فتكون المسألة عقلية.
وحينئذ إن تعلّق الغرض بتوضيح الحكم الوجوبيّ بذكر بعض لوازمه فيناسب ذكرها في المبادئ الأحكامية ، وإلاّ ففي الأدلّة العقلية كما فعله بعضهم ، فتكون من المسائل الأصولية العقلية.
ومن هنا ظهر ضعف ما يظهر من سلطان المدقّقين (١) ـ قدّس سرّه ـ من كون النزاع في المقام لغويّا ، حيث قال ـ في ردّ استدلال المانعين من وجوب المقدّمة ، بأنّه لو كان الأمر مقتضيا له لامتنع التصريح بنفيه (٢) ـ :
( أقول : فيه نظر ، إذ صحّة التصريح بعدم وجوب المقدّمة لا ينافي ظهور وجوبها عند عدم التصريح ، إذ يجوز التصريح بخلاف ما هو الظاهر ، كما في القرائن الصّارفة في المجازات عن المعاني الحقيقية ، إذ الخصم لا يدّعي إلاّ ظهور وجوب المقدّمة عند إيجاب ذي المقدّمة مع عدم دليل وقرينة ، إلاّ أن يدّعي عدم الفرق بين التصريح وعدمه ، وهو في مرتبة المدّعى ، فتأمّل ). انتهى كلامه رفع مقامه.
وتوضيح الضعف : أنّ مراد المستدلّ بالامتناع والجواز إنّما هو الامتناع
__________________
(١) راجع حاشيته ( قده ) ـ على المعالم ـ المطبوعة في ذيل شرح معالم الدين للمولى محمد صالح المازندراني (ره) : ٢٨٢.
(٢) معالم الدين : ٦١.