هو الواجب ـ فكذلك أيضا ، بمعنى أنّه لا مدخل له فيه أيضا ، فإنّ وجوبه حكم شرعي موظّف من الشارع ، والحكم له مستقلاّ في بعضها كالثاني ، حيث إنّ الحاكم بالملازمة بين وجوب الشيء وبين وجوب كلّ ما [ هو ] مقدّمة له هو العقل لا غير ، ولا مرية أنّ حكمه بها لا يتوقّف على وجود واجب في الخارج شرعي أو غيره ، بل هو مستقلّ فيه ولو فرض امتناع حصول واجب وصدور خطاب من الشارع في الخارج.
وأمّا الثالث ـ أعني النتيجة ـ فلا ريب أنّ الحاكم به إنّما هو الحاكم بوجوب ذي المقدّمة ، فإنّك بعد إحراز كون الفعل الخاصّ مقدّمة لواجب ، وبعد الالتفات إلى حكم العقل بالملازمة بين إيجاب شيء وبين إيجاب مقدّمته ـ سواء كان الآمر هو الشارع أو غيره ـ تستنتج من هاتين المقدّمتين أنّ هذا الفعل واجب من قبل من أوجب ذا المقدّمة ، فإذا فرض كونه هو الشارع فيكون الحاكم في النتيجة هو الشارع ، أو غيره فهو ، وكيف كان ، فوجوب المقدّمة إنما هو من قبل من أوجب ذاها ، فإن كان وجوبه شرعيا فيكون وجوبها كذلك ، أو غيره فغيره ، ولا ريب أنّ الحاكم بوجوب ذي المقدّمة ـ في محطّ النّظر ومحلّ البحث ـ هو الشارع لا غير ، فتكون النتيجة ـ وهي وجوب الفعل الخاصّ ـ شرعية أيضا ، غاية الأمر أنّ استفادته تبعية ، فإن شئت سمّه بالوجوب الشرعي التبعي ، وأما تسميته بالعقلي التبعي فلا وجه لها ، فإنه وإن كان تبعيا إلاّ أنّه شرعي ـ كما عرفت ـ لا عقلي ، فيكون الحال في الأمر الثالث نظير الحال في الأوّل من جهة عدم مدخل للعقل في حكمه أصلا.
والحاصل : أنّ الحكم في الموارد الثلاثة كلها : إما شرعي مستقلّ ، أو تبعي (١) ، وإما عقلي مستقلّ ، وأمّا التبعي منه فقد عرفت انتفاءه.
__________________
(١) في الأصل : ( التبعي ) ، والصحيح ما أثبتناه في المتن.