الوقت ، فحينئذ لو ترك تلك المقدّمات فهو قد فوّت المأمور به عليه بسوء اختياره ، وهو لا ينافي العقاب على المكلّف به لا محالة ، ولو كان بتفويت القدرة قبل مجيء وقت الواجب ، فالعقل يحكم حينئذ بلزوم التحرّز عن ذلك العقاب وقبح إيقاع النّفس فيه ، ولا ريب أنّ ترك المقدّمات حينئذ إيقاع للنفس في مهلكة العذاب ، فوجوب تلك المقدّمات ليس من جهة المقدّميّة للواجب ومن حيثيّته ، إذ المفروض عدم وجوبه بعد ، وليس نفسيا ـ أيضا ـ كما لا يخفى ، لأنّ التزام العقلاء بذلك إنّما لأجل الفرار عن العقاب ، فيكون وجوبها عقليا إرشاديا غيريا ، ففارق هذا الوجه الوجه الأوّل للثاني ، والثاني للأوّل (١) ، فمن هنا علم أنّ مراده من التكليف المدّعى قبح تفويته هو المكلّف به ، لا الأمر ، إذ المفروض توجّه الأمر إليه فيما بعد ولو عجز عن المكلّف [ به ] بسوء اختياره ، كما مرّ.
مع أنّه لا يعقل جعل المدار في القبح على تفويت الأمر ، إذ لو كان المدار عليه لسرى إلى جميع الموارد ، مع أنّ بعضها عدم العقاب فيه بديهي في الدين ، كما لو كان أحد قادرا على تحصيل الشرعية فلم يحصّلها ، إذ لا شبهة في عدم العقاب عليه في ذلك وعدم القبح أيضا ، مع أنّه فوّت الأمر ، مع أنّه لا معنى لقبح تفويت الأمر ، إذ لا مطلوبية ومحبوبية في الأمر نفسه ، وإنّما المصلحة في الفعل المأمور به.
هذا ، ثمّ إنّ القائل [ قد ] (٢) يقول : إنّه لا يمكن البناء على كفاية القدرة الحاصلة قبل وقت الوجوب في تنجّز الواجب على المكلّف في ذلك الوقت بطريق الإيجاب الكلّي بالنسبة إلى الموارد ، والالتزام به في مورد دون آخر ترجيح بلا مرجّح :
أمّا عدم إمكان البناء عليه كلّية فلأنّه لا ريب في أنّ من قدر على
__________________
(١) في الأصل : ففارق هذا الوجه للوجه الأوّل للثاني ، وللثاني للأوّل.
(٢) في الأصل هنا كلمة غير مقروءة تشبه ( ليس ) أو ( لن ).