تحصيل الاستطاعة المشروط بها وجوب الحجّ الآن فهو قادر الآن على (١) الحج في وقته بتقريب ما مرّ ، مع أنّ عدم العقاب عليه لو لم يحصّلها ضروري الدين.
وأمّا الثاني ـ أعني عدم الترجيح لبعض الموارد وعدم خصوصية له بالنسبة إلى ما عداه ـ فواضح ، وإن كان فبيّنه (٢).
هذا ، لكن الإنصاف عدم ورود هذا السؤال ، فإنّ عدم إمكان الكلّية المذكور ـ وإن كان مسلّما ـ إلاّ أنّ منع خصوصية لبعض الموارد على الآخر ممنوع.
بيانه : أنّ مراد الموجّه : أنّ هذه قاعدة عقلية ثابتة بالعقل وبناء العقلاء فيما إذا كان الأمر مطلقا بالنسبة إلى القدرة ، لكن للآمر أن يعتبر في أمره تقييده بقدرة خاصّة ـ وهي الحاصلة في وقت الواجب كما في الحجّ ـ فيخرج بذلك عن موضوع حكم العقل ، فلا يرد أيضا أنّ هذا تخصيص لحكم العقل ، فثبت الخصوصية لبعض الموارد بالنسبة إلى الآخر.
هذا ، لكن الإنصاف ـ بعد ذلك كلّه ـ عدم جواز تصديق الموجّه في ذلك. نعم ، المذمّة ثابتة من العقلاء لو عجّز العبد نفسه عن الإتيان بالواجب في وقته ، لكن الظاهر أنّه على الفاعل لا الفعل.
ثمّ إنّ الفرق بين ما نحن فيه وبين المسألة المتقدّمة سابقا ، وهي ثبوت العقاب على من علم إجمالا بأحكام الله تعالى عليه ، فلم يتعلّمها حتى وصل وقت الواجب وهو غافل عن وجوبه : أنّ الكلام هنا ـ كما عرفت ـ في أنّ المعتبر في تنجّز التكليف بالواجب في وقته هو بقاء القدرة للمكلّف في ذلك الوقت أو في
__________________
(١) في الأصل. من.
(٢) أي وإن كان ترجيح لخصوصيّة فبيّنه.