قصد القربة ، بل بلا قصد وشعور كالنائم ، بل يحصل بفعل الغير بحيث يسقط الأمر ، فإنه لا ريب أنه لا يعقل أن يكون المطلوب هو غسل الثوب من المكلّف حتّى في حال الغفلة والذهول والنوم ، إذ لا يعقل تكليف الغافل ، بل الطلب متعلّق به حال الذّكر والالتفات ، لكن الغرض ليس غسل الثوب في حال الذّكر بل أعمّ ، فلذا يسقط الأمر بإيجاده كيف ما اتّفق.
وكيف كان ، فتحقيق الكلام في الوجه المذكور لتوقّف الامتثال على قصد الغير في الواجبات الغيرية : أنّ الفعل الّذي يصدق عليه عناوين متعدّدة إذا تعلّق به الأمر بأحد تلك العناوين ، فلا يخلو الحال من أنّه إمّا أن يتوقّف (١) تحقّق ذلك العنوان على قصده كما في القيام ، حيث إنّه مشترك بين عنواني التعظيم
__________________
(١) اعلم أنّ الوجه الأوّل من دليل المختار إنّما هو مبنيّ على أخذ الغيرية والمقدّمية في عنوان الأمر الغيري كما عرفت ، بمعنى أنّ المأمور به هو هذا العنوان ، وهو كان يقتضي قصد الغير في مقام الامتثال كما علمت.
ويمكن أن يجعل الغيرية من خصوصيات الأمر الغيري ، بأن يقال : إن المأمور به هي ذات المقدمة لكن الأمر بها إنّما تعلّق بعنوان الغيرية ، بمعنى أنّ الآمر طلبها لأجل التوصّل بها إلى الغير ، وغرضه من ذلك الأمر هذا ، فعلى هذا لا يصدق الامتثال إلا بالإتيان بها على طبق غرضه ، فإنّ معنى الامتثال بالفارسية حقيقت : ( خواهش مولا را بعمل آوردن است ) ، وهذا إنّما يصدق إذا أتى بالمأمور به بعنوان تحصيل غرض المولى ، فيتوقّف صدق الامتثال في المقام على الإتيان بالمقدّمة لأجل التوصّل بها إلى الغير ، فإنّه هو الغرض الداعي للأمر بها ، وهذا القصد لا يمكن إلاّ بقيد الإتيان بذلك الغير.
فظهر أنّ وجوب القصد إلى الغير في تحقّق الامتثال لا يتوقّف على كون عنوان الأمر الغيري هو عنوان المقدّمة ، بل يجب مع تجريده عن ذلك العنوان أيضا لما عرفت الآن ، فذلك وجه ثالث لما اخترناه.
ثمّ إنّ الوجه الثاني المذكور في المتن غير متفرّع على خصوص شيء من التقديرين المذكورين ، بل يجري على كلّ واحد منهما ، فافهم. لمحرّره عفا الله عنه.