والاستهزاء ـ مثلا ـ ولا يتحقّق شيء من ذينك العنوانين إلاّ بقصده ، أو لا يتوقّف.
لا شبهة في وجوب قصد ذلك العنوان على الأوّل سواء كان الأمر به تعبّديا أو توصّليا ، إذ على الثاني لا بدّ من إيجاد نفس المأمور به لا محالة ، والمفروض أنّه لا يحصل إلاّ بقصده.
وأمّا على الثاني فإذا كان الفعل من العبادات أو من المعاملات لكن أراد المكلّف الإتيان به على وجه العبادة والطاعة ، فلا ينبغي الإشكال أيضا على توقّف حصول الامتثال والطاعة على قصد ذلك العنوان الّذي تعلّق الأمر بالفعل من جهة ذلك العنوان (١) بحيث يكون الداعي والمحرّك له إلى إيجاد ذلك تحصيل ذلك العنوان.
وذلك لأنّ الإتيان بالفعل لداعي أمر المولى معتبر في تحقّق الامتثال والطاعة بالضرورة ، فلا يحصل الفعل في الخارج على وجه الطاعة إلاّ بأن يكون الداعي إلى الإتيان به هو أمر المولى ، ولا ريب أنه لا يعقل كون الأمر داعيا ومحرّكا للمكلّف إلى إيجاد وتحصيل غير العنوان الّذي تعلّق هو به ، بل إنّما هو محرّك له إلى إيجاد وتحصيل العنوان المتعلّق هو به لا غير.
ألا ترى أنه لو أمر مولى عبده بالقيام بعنوان التعظيم لزيد عند مجيئه ، فإذا جاء زيد قام العبد لا لأجل تحصيل ذلك العنوان ، بل لرفع التعب عن نفسه أو للاستهزاء أو لغير ذلك من العناوين الصادقة على القيام لا يعدّ ممتثلا ومطيعا أصلا ، وكذا لو أمره بقتل عدوّه ، فقتله لا لكونه عدوّا لمولاه ، بل لأجل كونه عدوّا لنفسه ، فإذا ثبت توقّف الامتثال على قصد عنوان الأمر فلا بدّ من قصده.
ثمّ إنّ ذلك العنوان قد يكون من المفاهيم المستقلّة الغير المتوقّفة على
__________________
(١) كذا في الأصل ، والأجود هكذا : ... من جهته ...