القيد وحده ، والإخلاص لا يكون إلاّ بالإتيان بالمأمور به بداعي الامتثال لأمر الآمر.
هذا غاية ما قيل أو يقال في توجيه الاستدلال بالآية ، لكن لا يخفى على المتفطّن ضعفه :
أمّا على الوجه الأوّل : فلأنّ الظاهر بملاحظة نظائر الآية كون اللام في ( لِيَعْبُدُوا ) من اللام الداخلة على مفعولي الأمر والإرادة كقوله تعالى : ( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ )(١) ، ( وَيَهْدِيَكُمْ* ) (٢)(٣) ، وقوله تعالى : ( أُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ )(٤) ، ( وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ )(٥) ، ( وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ )(٦) ، و ( أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ )(٧) ، حيث إنّ اللام فيه مقدّرة قبل ( أن ) ، فيكون مدخولها هو المفعول به للفعل السابق عليها ، فتكون العبادة نفس المأمور به لا غايته.
هذا مضافا إلى شهادة عطف ( يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ )(٨) عليه ، كما يؤذن به حذف النون منهما ، فإنه لو جعل اللام في ( ليعبدوا ) للغاية لما صحّ عطف هذين عليه ، فإنّهما نفس المأمور به ، لا الغاية له الخارجة عنه.
__________________
(١) الأحزاب ، آية : ٣٣.
(٢) في الأصل : ( وليهديكم ). ، ولم نعثر على آية بهذا النصّ ، ولكن يوجد ما هو قريب منها ، وهو قوله تعالى : ( يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) النساء : ٢٦.
(٣) الأنعام : ٧١.
(٤) الزمر : ١٢.
(٥) الشورى : ١٥.
(٦) الزمر : ١١.
(٧) البيّنة : ٥.