لغرض الامتثال والإخلاص ، فتدلّ الآية على انحصار الغرض فيما أمروا به في الامتثال عموما بالنسبة إلى جميع ما أمروا به ، نظرا إلى وقوع الجنس ـ وهو اللام ـ في حيِّز النفي المفيد للعموم فإذا ثبت ذلك الحكم العامّ في حقّهم ثبت في حقّنا بأحد الأمرين المتقدّمين ، فيكون الأصل في واجباتنا أيضا هو التعبّدية إلاّ ما أخرجه الدليل.
وكيف كان ، ففي هذا الوجه يكون قوله تعالى : ( مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) حالا مؤكّدة لقوله : ( لِيَعْبُدُوا ) لتضمّن العبادة على هذا الوجه للإخلاص.
الوجه الثاني : بالنظر إلى قوله : ( مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) ، وتقريب الاستدلال به :
أنّ المراد بالدّين هنا إمّا القصد ، وإمّا نفس الأعمال والأفعال بعلاقة السببية والمسببية بينها وبين الجزاء الّذي هو أحد معانيه ، وعلى التقديرين يتمّ به المطلوب ، فإنّه حال من قوله تعالى : ( لِيَعْبُدُوا ).
وعلى تسليم عدم تضمّنه للإخلاص ـ بأن يكون المراد بالعبادة مطلق الإتيان بالفعل المأمور به ـ فيكون مقيّدا بالإخلاص المستفاد من هذا القيد لا محالة.
وعلى تقدير كون المراد بالدّين القصد يكون المعنى : وما أمروا إلاّ لأن يأتوا بما أمروا به على وجه إخلاص القصد فيه ، وعلى تقدير كون المراد به الأعمال يكون المراد : وما أمروا إلاّ لأن يأتوا بما أمروا به على وجه الإخلاص في العمل ، ولا ريب أنّ إخلاص القصد في العمل أو إخلاص نفس العمل لا يكون إلاّ بالإتيان بالمأمور به على وجه التقرّب والامتثال لأمر الآمر.
وكيف كان فالآية تدلّ على لزوم الإتيان بالمأمور به على وجه الإخلاص إمّا باستفادته من قوله : ( لِيَعْبُدُوا ) بناء على تضمّنه له ، وإمّا باستفادته من