لأنّ ذلك مدفوع : بتكرار الأمر ، فإنّ الظاهر منه تكرار المأمور به أيضا ، فيكون المراد بإطاعة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم والأئمّة ـ عليهم السلام ـ إطاعة ما أمروهم عليهم السلام أنفسهم قبال ما أمر به الله تعالى.
وبالجملة : فالمتعيّن في المقام حمل الإطاعة على المعنى الثاني لما ذكر ، مضافا إلى إطلاقها عليه في غير موضع من الكتاب والسنة كقوله ـ في مقام الأمر بإطاعة الوالدين ـ : ( وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما )(١) ، وقوله : ( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ، وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً )(٢) ، فإنّ تقابل الطاعة للتولّي أقوى شاهد على ذلك.
ونظيره قوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ )(٣).
وفي موضع آخر بعد أمره تعالى بإطاعته وإطاعة الرسول قال : ( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ )(٤).
ونظير هذه الآيات ما في بعض فقرات الزيارة الجامعة وغيرها من الزيارات : « من أطاعكم فقد أطاع الله ، ومن عصاكم فقد عصى الله » (٥) فجعل الإطاعة مقابلة للعصيان ، فإذا كان المراد بها فيما نحن فيه عدم العصيان فالأمر بها لا يوجب تقييد الأوامر المطلقة ، فإنّ عدم العصيان قد يحصل بدون قصد الامتثال ، كما إذا أتى بالواجبات التوصّلية لا بقصد القربة ، فلم ينحصر عدم
__________________
(١) العنكبوت : ٨.
(٢) النساء : ٨٠.
(٣) النور : ٥٤.
(٤) آل عمران : ٣٢.
(٥) البلد الأمين للكفعمي (ره) : ٣٠٣.