العصيان في الامتثال حتى يكون الأمر به أمرا به. هذا.
أقول : لا يخفى فساد مبنى (١) هذا الجواب على المتفطّن ، وهو عطف الرسول وأولي الأمر مع تكرار الأمر ، فإنّ تكرار الأمر مشعر بأن المراد بإطاعة الرسول صلّى الله عليه وآله والأئمّة غير ما أريد من إطاعة الله تعالى وإلاّ لما كان وجه للتكرار ، فهو مؤيّد للمستدلّ لا مضرّ له ، فالمراد بإطاعة الله تعالى هو الإتيان بما أمر به بقصد الامتثال ، وبإطاعة الرسول صلّى الله عليه وآله والأئمّة هو الإتيان بما أمروا به بعنوان كون إطاعتهم إطاعة الله تعالى ولو اكتفى المجيب في وجه حمل الإطاعة على عدم العصيان بكثرة إطلاقها عليه ـ كما في الأمثلة المذكورة ـ لكان له وجه.
وقد يجاب عن الاستدلال بالآية : بأنه لو حمل الإطاعة على ما زعمه المستدلّ لكان مستلزما لتخصيص الأكثر لخروج أكثر الواجبات عنها كما لا يخفى ، فلا بدّ من حملها على عدم العصيان ، ومعه لا دلالة لها على المطلوب.
لكن الإنصاف : عدم الحاجة إلى تكلّف حمل الإطاعة على عدم العصيان ، ولا داعي له بوجه ، إذ مع حملها على المعنى الأوّل أيضا لا يتمّ مطلوب المستدلّ.
بيان ذلك : أنّ الأمر بالإطاعة في الآية إرشادي وارد على طبق حكم العقل بوجوبها مطلقا ـ حتى في الواجبات التوصّلية ـ وموضوع الإطاعة إنّما هو الأمر ، فالآية تقتضي وجوب الإتيان بالفعل المأمور به بداعي الامتثال ما دام الأمر به باقيا ، كما هو قضية حكم العقل أيضا ، وأمّا مع سقوطه ـ كما إذا أتى المكلّف بالفعل لا بداعي الامتثال ، بل لاشتهاء نفسه ـ مثلا مع كونه توصّليا ـ فلا تقتضي الآية وجوب الإتيان به ثانيا بقصد الامتثال والطاعة لذهاب
__________________
(١) ويحتمل أنّ الكلمة في الأصل : مثل ..