موضوعها وهو الأمر.
والحاصل : أنّا نقطع بإرادة جميع الواجبات من الآية حتى التوصّليات من غير استثناء ، كما هو الحال في حكم العقل ، ونقسم على ذلك جدّاً.
لكن نقول : إنّها لا تصلح لتقييد الأوامر الخاصّة بحيث تكشف عن جعل الشارع قصد الامتثال معتبرا في متعلّقاتها كلاّ أو بعضا ، بل موضوعها إنّما هو أمر الله تعالى فإنّها دالّة على وجوب إطاعة أمر الله تعالى فلا تقتضي إذن أزيد من أنه لو لم يسقط المكلّف الأمر عن رقبته ـ ولو بالإتيان بالمأمور به بتشهّي نفسه ـ لوجب عليه الإتيان به بداعي أمر الشارع من غير فرق بين الواجبات التعبّدية أو التوصّلية ، بحيث لو فرض سقوط التعبّدية بها بغير قصد الامتثال لما تدلّ الآية على لزوم الإتيان بها ثانيا بقصده ، كما هو الشأن في حكم العقل أيضا.
وبالجملة : الواجبات التعبّدية والتوصّلية سواء من حيث دخولهما تحت الآية وإرادتهما بها ، وهي تدلّ على وجوب الإتيان بكلّ واحدة منهما بقصد الامتثال وبداعيه ما دام الأمر بها باقيا وإن كانت الأولى لا تسقط إلاّ به.
ومن هنا ظهر أنه لا يلزم من ذلك تخصيص في الآية أصلا ، فضلا عن تخصيص الأكثر ، كما زعمه المجيب المتقدّم ، فإنّها شاملة لكل من الواجبات التوصّلية والتعبّدية ما دام الأمر بهما باقيا ، ولا داعي إلى إخراج التوصّلية منها على تقدير كون الأمر به باقيا ، بل يجب دخولها كما لا يخفى ، وساكتة عنهما جميعا إذا ارتفع الأمر عنهما. هذا.
ومن السنّة قوله عليه السلام : « لا عمل إلاّ بنيّة » (١).
تقريب الاستدلال به : أنّ المراد بالعمل هو المأمور به ، والمراد بالنيّة هو
__________________
(١) الوسائل : ١ ـ ٣٣ ـ ٣٤ ـ أبواب مقدّمة العبادات ـ باب ٥ وجوب النية في العبادات الواجبة .. ـ الحديث : ١ و ٢ و ٩.