وأمّا الأخيران : فلأنّه لا يعقل ولا يتصوّر قدر مشترك بين خصوصيّات الموادّ أو الهيئات ، لتباينها واختلافها غاية الاختلاف : أما في الموادّ فواضح ، مع أنّه يردّه الاتّفاق المتقدّم على أنّ المستعمل ليست الموادّ أصلا ، وأمّا الهيئات فلأن الجملة الخبرية بصيغة الماضي لها هيئة مباينة لها بصيغة المضارع ، وهيئتها في كلّ منهما مباينة لهيئتها في الجمل الاسميّة.
هذا ، مع أنّ هيئتها بصيغة الماضي أو المضارع أو الجملة الاسمية أيضا غير منظّمة ، ضرورة اختلاف هيئات الأفعال الدالّة على الماضي باختلاف التجرّد والزيادة على ثلاثة أحرف ، وباختلاف المجهول والمعلوم ، وكذا الحال في الأفعال المضارعة ، وهكذا في الجمل الاسميّة.
فهو مدفوع :
أوّلا ـ فبأنّ هذا لا يخصّنا (١) ، بل على تقدير تماميّته يجري على القول الآخر أيضا ، فإنّهم أيضا يقولون باستعمال الجمل في شيء غير الإخبار ، وهو الإنشاء ، اللهم إنّهم يمنعون من ظهور الوجوب (٢).
وثانيا أنّ المستعمل في معنى الإنشاء ليس مطلق الجمل الخبرية ، بل الفعلية منها ، وهي ما تكون بصيغة الماضي أو المضارع.
فنقول : إنّ المستعمل هو الهيئة لا المادّة ، لكن لا الهيئة الخاصّة ، بل مطلق هيئتي الماضي والمضارع ، وكلتاهما أمر عامّ.
وما قيل ـ من منع القدر المشترك بين هيئات أفعال الماضي أو المضارع ـ مدفوع باتّفاقهم على أنّ الموضوع في الأفعال هي الهيئة العامّة بين هيئات
__________________
(١) في الأصل : يختصّنا.
(٢) كذا في الأصل ، والأسلم في العبارة هكذا : ( اللهمّ إلاّ أنّهم يمنعون من ظهورها في الوجوب ).