لا نزاع لأحد في الكبرى بعد فرض ثبوت صغراها ، وإنّما النزاع في الصغرى ، فالشأن في إثباتها ، فنقول :
إنّ الإطاعة معناها ما يعبّر بالفارسية عنه : بـ ( فرمانبري وخدمت كردن مولا ) ، والمعصية معناها ما يعبّر بها عنه : بـ ( نافرماني ) ، والمثبت لاستحقاق الثواب والعقاب هو هذان المعنيان ، ويدوران مدارهما وجودا وعدما وحدة وتعدّدا ، ولا ينبغي الارتياب في أنّ الإتيان بالفعل بجميع مقدّماته إنّما هو إطاعة للتكليف النفسيّ المتعلّق بنفس ذلك الفعل ، لأنّ الإتيان بالمقدّمات حقيقة راجع إلى إطاعته ، فإنّ المطلوب إذا كان متوقّفا على مقدّمات لا يحصل إلاّ بإيجادها جميعا فنحو إطاعته أن يؤتى بجميع تلك المقدّمات ، كما أنّ تركه بترك جميع مقدّماته أو بعضها إنّما هو مخالفة لذلك التكليف النفسيّ ، وأنّ ترك جميع المقدّمات أو بعضها من أنحاء المعصية بالنسبة إلى ذلك التكليف.
والسرّ في ذلك : أنّ الإطاعة والمعصية إنّما تتحقّقان بالنسبة إلى المطلوب الأوّلي للمولى لا غير ، فإنّ مطلوباته الثانوية ـ وهي الواجبات الغيرية ـ ليست مطلوبة له في الحقيقة ، فإنّ مطلوبيتها راجعة إلى مطلوبية ذيها ، لأنّ الطلب المتعلّق بها ـ سواء كان مستفادا بحكم العقل أو بخطاب أصلي ـ إنّما ينبعث عن ذلك الطلب المتعلّق بذيها ، فروح هذا الطلب إنّما هو ذاك ، فهو شأن من شئونه ، ضرورة أنّه لو أمكن حصول ذي المقدّمة بدون مقدّماته لما جاء طلب إلى شيء من تلك المقدّمات من حيث المقدّمية أصلا ، فالمطلوب حقيقة للمولى ليس إلاّ ذات ذي المقدّمة ، فينحصر الامتثال في واحدة (١) كالمعصية أيضا ، لأنّهما عبارتان عن الإتيان بمطلوب المولى أو تركه.
والحاصل : أنّه ليس للمولى هنا مطلوب من المكلّف أزيد من نفس ذي
__________________
(١) الصحيح ظاهرا : ( في واحد ) أي في مطلوب واحد.