تفصيلا ، ضرورة ثبوت الملازمة بين كون أمر داعيا إلى فعل شيء وبين كونه داعيا إلى ذلك الشيء بالعنوان الّذي تعلّق هو بهذا العنوان ، فيكون داعيا إلى ذلك العنوان أيضا ، فيكون حال الوجوب الغيري المتعلّق بها حال الوجوب النفسيّ المتعلّق بها بنذر وشبهه من جهة كون العنوان في كلّ منهما هو العنوان الراجح ، وكما أنّ الإتيان بالواجب الغيري العبادي بداعي جهة استحبابه النفسيّ ـ على وجه يكون تلك الجهة غاية للفعل ـ محقّق لعباديته ولانعقاده عبادة وإن لم يكن الأمر الاستحبابي موجودا فيه بالفعل ـ كما مرّت الإشارة إليه في مطاوي ما تقدّم ـ فكذلك الإتيان به بجهة استحبابه النفسيّ ـ بحيث تكون تلك الجهة صفة للمأتيّ به ـ موجب لانعقاده عبادة كما في نذر المندوب ، فإنّه إذا أتي به فإنّما يؤتى به بداعي الأمر الوجوبيّ المسبّب من النذر مع القصد إلى جهة الاستحباب بعنوان الوصفيّة لا الغائيّة ، فينوي : أني أفعل ذلك الفعل المندوب لوجوبه ، وعلى هذا فينوي في المقام : أني أتوضّأ ـ مثلا ـ الوضوء المندوب لوجوبه الغيري ، فإنّ الوجوب الغيري إنّما تعلّق به بعنوان استحبابه النفسيّ وإن لم يكن الأمر الاستحبابي موجودا فيه بالفعل ، أو يقصد : أنّي أتوضّأ لوجوبه الغيري قربة إلى الله ـ مثلا ـ فإنّه أيضا وجه إجمالي إلى العنوان المذكور أيضا كما مرّ.
هذا ، ثمّ إنّه نسب المحقّق القمي (١) ـ رحمه الله ـ المدح والثواب على فعل المقدّمة دون العقاب على تركها بطريق النقل إلى الغزالي.
ثمّ قال : ( ولا غائلة فيه ظاهرا (٢) ، إلاّ أنّه قول بالاستحباب ، وفيه إشكال إلاّ أن يقال باندراجه تحت الخبر العامّ فيمن بلغه ثواب على عمل ، ففعله التماس
__________________
(١) قوانين الأصول : ١ ـ ١٠٤ حيث يقول : ( وأما المدح والثواب فالتزمه بعض المحقّقين ، ونقله عن الغزالي ) ..
(٢) في الأصل : ( وغائلته فيه ظاهر ) ، وقد صحّحنا عبارة المتن على عبارة القوانين.