هذا ، وفيه : أنّ الاعتبار على الوجه المذكور وإن [ كان ] ممكنا إلاّ أنّه لا دليل عليه ، بل الظاهر من الأمر المتعلّق بطبيعة أنّ المطلوب هي الطبيعة لا بشرط ، ولا ريب في صدقها على كلّ من الآحاد مطلقا لوجودها في ضمنها ، والمجموع من الآحاد في صورة الإتيان بها مجتمعة ليس فردا آخر له مقابل الآحاد ، بل هو نفس تلك الآحاد. نعم هو نوع من أنواع إيجاد الطبيعة ، كما أشرنا إليه آنفا.
فإن شئت قلت : إنّه فرد من إيجاد الطبيعة ـ كما ذكرنا سابقا ـ لا من الطبيعة ، فإنّ إيجاد الطبيعة ـ أيضا ـ مفهوم كلّي له أفراد منها إيجادها بأفراد مجتمعة.
وكيف كان ، فالتحقيق ـ ما مرّ منا ـ ، وحاصله :
أنّ امتثال الأمر عبارة عن إيجاد المأمور به بداعي الأمر في حال الأمر ، ولإيجاده أنحاء :
الأوّل : إيجاده بإيجاد فرد واحد منه.
الثاني : إيجاده بإيجاد فردين منه.
الثالث : إيجاده بإيجاد ثلاثة أفراد منه.
والرابع : إيجاده بإيجاد أربعة ، وهكذا ، فإنّ كلّ واحد من تلك المراتب مصداق لإيجاد المأمور به ومنطبق عليه ، مع أنّه يصدق حقيقة على كلّ واحد من الفردين أو الأفراد ـ في غير القسم الأوّل ـ أيضا أنّه فرد للمأمور به.
هذا ، لكن لمّا كان لا يكفي في الامتثال مجرّد إيجاد المأمور به كيف كان ، بل إنّما يتحقّق إذا كان حال بقاء الأمر ، فكلّ نحو من الإيجاد إذا حصل حال بقائه يكون (١) هو امتثالا للأمر ، ويقوم به الوجوب ، وما حكمنا به من عدم قيام
__________________
(١) في الأصل : فيكون ...