الامتثال بغير الفرد الأوّل في صور إيجاد أفراد متعدّد متدرّجا (١) ليس لأجل عدم كون الإتيان بأفراد منه متدرجا من أنحاء إيجاده ومنطبقا عليه ، بل لأجل عدم وقوعه حال الأمر ، لارتفاعه بالفرد الأوّل فلا يتّصف المجموع أو الأفراد المتأخّرة بالامتثال والوجوب لذلك ، فلو فرض محالا وقوعها ـ أيضا ـ في حال الأمر لقام الامتثال بالمجموع بلا ريب.
وكيف كان ، فوجه عدم قيام الامتثال بفرد واحد في صورة الإتيان بأفراد مجتمعة دفعة ـ مع أنّ كلّ واحد صالح للامتثال ، بمعنى أنّه لو كان حاصلا وحده لكفى في ارتفاع الأمر ـ أنّ استناد ارتفاع الأمر وحصول الامتثال إلى بعض معيّن ترجيح بلا مرجّح ، إذ المفروض وجود كلّ منها مقارنا لوجود الآخر ، فلا معيّن لاستناد الأثر إلى إحدى العلّتين ـ الواردتين في مورد دفعة معا ـ بخصوصها ، وإلى بعض مردّد لا معنى له ، فإنّه منتزع عن أحدها ، فيكون عبارة عن أحدها ، فيتعين استناده إلى الجميع.
والسرّ في ذلك : أنّ هذا من قبيل توارد علل متعدّدة دفعة على مورد واحد ، فإنّ وجود كلّ فرد علّة تامّة للامتثال إذا حصل حال الأمر منفردا ، لكن حينئذ لا يمكن استناد الأثر ـ وهو الامتثال ـ إلى بعض معيّن ولا مردّد ، بل يصير الجميع حينئذ بمنزلة علّة واحدة فيكون الأثر مستندا إلى المجموع.
ولذا قال أهل المعقول : إنّ العلل المتعدّدة إذا تواردت على مورد واحد دفعة فهي علّة واحدة ، وكيف كان فصلاحيّة المجموع للامتثال إنّما هي من جهة صلاحية أبعاضه ، فإنّه عين تلك الأبعاض وإنّما استند الأثر في المفروض إلى المجموع من حيث المجموع لما ذكر.
فتحقّق من ذلك : أنّ كلّ ما برز من أفراد المأمور به من المكلّف حال
__________________
(١) وصف ( إيجاد ) ، و ( متدرجا ) حال منه.