أفراده ، وهو غير ملحوظ فيه.
وحقيقة ذلك الوجه : أن تعتبر الماهيّة المدلول عليها بالمادّة المعروضة للنهي متّحدة ومتفرّدة في حدّ نفسها ومجرّدة عن ملاحظة الأفراد ، فلذا لا يجوز فيها اجتماع النقيضين بأن يقال : هي موجودة ومعدومة ، لاتّحاد موضوع القضيتين ، وهي نفس الطبيعة المتّحدة ، فلا يصدق انتفاؤها إلاّ بانتفاء جميع الأفراد ، إذ مع وجود واحد منها فتلك الحقيقة المتّحدة متحقّقة وموجودة يقينا ، فلا يمكن أن يقال : إنّ تلك الطبيعة معدومة.
وأمّا الوجه الآخر : فحقيقته (١) هي أن تعتبر الطبيعة على وجه غير ملحوظ فيه الاتّحاد والتكثّر ، بحيث تكون الطبيعة على هذا الوجه صالحة لطرو (٢) كلّ من القيدين عليه ، وكذا لتقيّدها بالوجود والعدم معا ، وذلك لعدم اقتضائها حينئذ لشيء منهما ، بل هي صالحة لكلّ منهما ، فيصدق وجودها بوجود فرد واحد ، وعدمها بعدم بعض آخر ، فيصدق عليها في آن واحد أنّها موجودة ومعدومة إذا كان بعض أفرادها موجودا وبعضها معدوما.
وملخّصه : أن تؤخذ الطبيعة المرادة بالمادّة المتعلّقة للنهي عبارة عن نفس حقيقة الشيء الغير المقتضية لشيء من الطوارئ واللواحق والقيود مطلقا ـ من حيث الحالات والأزمان والأفراد والقلّة والكثرة ، بل الوجود والعدم ـ بمعنى أنّها غير ملحوظ وغير مأخوذ فيها شيء من الطوارئ مطلقا ، الصالحة لاعتبار كلّ واحدة من تلك الطوارئ فيها ، بمعنى أنّها لا تنافي شيئا منها ، بل بحيث بأيّ منها
__________________
(١) وبعبارة أخرى : يكون المراد حينئذ هي الطبيعة اللابشرط المقسميّة ، وهي المقسم بين اللابشرط القسمي وبشرط شيء وبشرط لا ، ومرجع الوجه الأوّل إلى اعتبارها باللابشرط القسمي ، فإنّ حاصل المقصود منها اعتبارها مطلقة بحيث يكون الإطلاق قيدا لها ، فلذا لا يصدق تركها حينئذ إلاّ بترك جميع الأفراد. لمحرّره عفا الله عنه.
(٢) في الأصل : ( طريان ) ، ولم نعثر على هذا المصدر في كتب اللغة.