لوحظت واعتبرت فهي لا تخرج عمّا عليه ، ومع أيّ منها يصدق حقيقة أنّها هي ، إذ حينئذ تكون تلك الطوارئ من حالاتها اللاحقة لها ، واختلاف حالات الشيء لا يخرجه عن كونه هو ذلك الشيء ، فهي صادقة على القليل والكثير ، لكون كلّ منهما حقيقة منها ، وعلى الموجود من أفرادها وعلى المعدوم منها لذلك ، إذ بعد فرض كون شيء فردا منها فذلك الشيء هي بعينها ، فبوجوده يصدق أنّها موجودة حقيقة وبانعدامه يصدق أنّها معدومة كذلك ، إذ حينئذ يترتّب قياس من الشكل الثالث ، فيقال : إنّ هذا الشيء تلك الماهية وهذا الشيء موجود ، فينتج أنّ تلك الماهيّة موجودة ، أو يقال في الكبرى : وهذا الشيء معدوم ، فينتج أنّ تلك الماهية معدومة ، مثلا بعد فرض كون زيد إنسانا حقيقة فإذا كان موجودا يقال : إنّ زيدا إنسان ، وزيد موجود ، فينتج : أنّ الإنسان موجود ، وإذا كان معدوما يقال : إنّه إنسان ، وهو معدوم ، فينتج : أنّ الإنسان معدوم ، وإذا فرض أنّ فردا من تلك الماهيّة موجود وفردا منها معدوم ، فيحصل حينئذ قياسان من الشكل الثالث ، فينتجان حينئذ : أنّها الآن موجودة ومعدومة.
وكيف كان ، فلا شبهة في أنّ كلّ حكم ثابت للمقيّد ثابت للمطلق ، لأنّه عينه حقيقة.
وبالجملة : إذا اعتبرت الطبيعة المتعلّقة للنهي بهذا المعنى فهو ـ لكونه غير مقتض [ لشيء ](١) من الخصوصيات والطوارئ حتى الوجود والعدم ، فكيف بخصوصيّة الأوصاف والأفراد والحالات والأزمان ـ يمكن فيه اجتماع النقيضين إذا كان بعض أفراده موجودا وبعضها معدوما ـ كما عرفت ـ فإنّ اجتماعهما إنّما يمتنع إذا كان المورد مقتضيا لأحدهما ، وكذا يجوز ارتفاعهما عنه إذا لم يوجد منه
__________________
(١) إضافة يقتضيها السياق.