كان هو أثر المتيقّن اللاحق له في زمان اليقين ، إلاّ أنّ الحكم بترتّبه إنّما هو في زمان الشكّ ، كما أنّ الأثر في باب الاستصحاب يكون الحكم بترتّبه في زمان الشكّ. نعم الأثر في الاستصحاب إنّما هو أثر البقاء وهو متعلّق الشكّ ، وفي باب القاعدة هو أثر الحدوث لكنّه فعلاً متعلّق للشكّ أيضاً.
وبالجملة : أنّ ترتيب الأثر في كلّ منهما إنّما هو في زمان الشكّ ، وإنّما يختلفان في أنّ ذا الأثر في القاعدة إنّما هو نفس ما تعلّق به اليقين أعني عدالة زيد يوم الجمعة ، وفي الاستصحاب إنّما هو غير ما تعلّق به اليقين الذي هو عدالة زيد يوم الجمعة ، وذلك الغير هو عدالته يوم السبت ، مع أنّ الترتيب في تلك وفي هذا لا يكون إلاّفي يوم الشكّ الذي هو يوم السبت ، وهذا الخلل إنّما جاء من تعبير التحرير بقوله : فلأنّ الحكم المجعول في القاعدة إنّما هو البناء العملي على ثبوت المتيقّن في زمان اليقين ، وفي الاستصحاب هو البناء العملي على ثبوت المتيقّن في زمان الشكّ الخ (١) وظاهره جعل زمان اليقين ظرفاً للبناء العملي في القاعدة ، وجعل ظرفه في الاستصحاب زمان الشكّ ، مع أنّ الواقع هو أنّ ظرف البناء العملي في كلّ منهما إنّما هو الشكّ ، وإنّما يختلفان في أنّ في القاعدة يكون الأثر الذي حكم بالبناء العملي عليه هو أثر نفس المتيقّن السابق ، وفي الاستصحاب يكون ذلك الأثر هو بقاءه ، وحينئذ لا يتوجهّ عليه إلاّما ذكرناه من أنّ اختلافهما في الأثر لا ضير فيه ، لأنّ ذلك نتيجة شمول النهي عن النقض لكلّ منهما ، مع أنّه بعد التجريد عن الزمان في كلّ منهما لا يكون الأثر مختلفاً ، بل لا يكون لنا حينئذ إلاّ أثر واحد مترتّب على موضوع واحد ، وهو نفس العدالة التي وقعت متعلّقاً لكلّ من اليقين والشكّ في كلّ من مورد القاعدة ومورد الاستصحاب ، فلاحظ.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٩٠.