أن نقول بكون اليد من قبيل الأمارات أو نقول بكونها من قبيل الأُصول.
وإن منع من ذلك وادّعي أنّ موضوع الحجّية هو اليد التي لم يعلم حالها بالعلم الوجداني غير الشامل للاحراز التعبّدي ، فإن قلنا بأنّها من قبيل الأمارات فهي وإن كانت مثبتة للوازم ، إلاّ أنّ استصحاب العدوانية فيها يكون حاكماً عليها لأنّ هذا الاستصحاب يرفع الشكّ فيها رفعاً تنزيلياً ويخرجها إخراجاً تنزيلياً عن كونها ممّا لم يعلم حالها ، نظير حكومة الأمارة على الأُصول الاحرازية وغير الاحرازية ، وحكومة الأُصول الاحرازية على غير الاحرازية ، بناءً على أنّ تلك الأُصول المحكومة مقيّدة بعدم العلم الوجداني على ما تقدّم توضيحه (١) ، هذا حال استصحاب عدوانية اليد.
وأمّا اليد نفسها فهي بمدلولها المطابقي الذي هو مالكية صاحبها لا ترفع موضوع الاستصحاب المذكور ، وإنّما ترفعه باعتبار مدلولها الالتزامي الذي [ هو ] متأخّر رتبة عن مدلولها المطابقي ، فإنّها أوّلاً تثبت مالكية صاحبها ، وبواسطة أنّ مالكية صاحبها ملازم لكونها غير عادية تثبت ثانياً أنّها يد مالكية وأنّها غير عدوانية ، وبواسطة هذا الإثبات ثانياً يرتفع موضوع استصحاب العدوانية ، لكن الاستصحاب المذكور يرفع موضوعها تنزيلاً في المرتبة الأُولى ، فلا تصل النوبة إلى المرتبة الثانية كي تكون اليد بالمرتبة الثانية رافعة لموضوع الاستصحاب ، وهذا بخلاف البيّنة القائمة على مالكية صاحب اليد ، فإنّ البيّنة لمّا لم تكن مقيّدة بعدم العلم وكانت حجّة في إثبات اللوازم ، كانت حاكمة على الاستصحاب المذكور ، لأنّه لا يكون رافعاً لموضوعها في الرتبة الأُولى ، وهي في المرتبة الثانية
__________________
(١) راجع الأمر الثالث في فوائد الأُصول ٤ : ٥٩١ ـ ٦٠١ ، وحواشي المصنّف قدسسره على ذلك المبحث تقدّمت في الصفحة : ١٢٤ وما بعدها.