جعلتها بينهما نصفين » فهو أيضاً إشارة إلى ذلك المورد ، وأنّه لو تبدّل من هذه الناحية فقط ـ وهي عدم كونها في يد أحدهما ـ جعلتها بينهما نصفين ، وليس ذلك من قبيل الاطلاق والتقييد ، ولا من قبيل العموم من وجه باعتبار كون مفاد رواية غياث هو الترجيح بالداخل سواء كانت بيّنته أكثر أو لا ، ومفاد رواية أبي بصير هو الترجيح بالأكثرية سواء في ذلك الداخل والخارج ، أو هي مختصّة بخصوص موردها الذي هو الداخل لتكون أخصّ من رواية غياث ، وإنّما قلنا إنّهما ليسا من هذا القبيل لما عرفت من أنّ مفاد رواية غياث قضية واحدة وأنّ موردها واحد ، ولم يعلم أنّ البيّنة التي وجدت للداخل كانت أقلّ من الخارج ، فلا إطلاق فيها يشمل الأقل والأكثر والمساوي.
ثمّ إنّ رواية أبي بصير لم تتعرّض للحكم في صورة التساوي من حيث التنصيف أو الاحلاف أو القرعة ، فلا شاهد لنا فيها من هذه الجهة.
والخلاصة : هي أنّ اليد مرجّحة ، كما أنّ الأكثرية مرجّحة ، لكن المستفاد من رواية أبي بصير الترجيح بالأكثرية في مورد اليد ، فتكون كالنصّ في تقدّم هذه الجهة من الرجحان ـ وهي الأكثرية ـ على جهة اليد ، ورواية غياث وجابر لا ينفيان ذلك لأنّهما لا يزيدان على الحكاية ، ولعلّ البيّنتين كانتا متساويتين أو كانت بيّنة ذي اليد أكثر ، ولا إطلاق فيهما يشمل العكس ، لما عرفت من كونهما حكاية فعل خارجي لا بيان حكم كلّي.
نعم ، ذيل رواية ابن سنان أعني قوله : « إذا أقاما البيّنة جميعاً قضي بها للذي أنتجت عنده » (١) ليس حكاية لشخص قضية خاصّة ، بل هو حكم كلّي بالقضاء لصاحب اليد ، سواء كانت بيّنة الغير أكثر أو لم تكن ، لكن رواية أبي بصير لمّا
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ٢٥٥ / أبواب كيفية الحكم ب ١٢ ح ١٥.