لتوجّه إشكال انقلاب الدعوى ، وإنّما يمكن الجواب عنه بما أفاده شيخنا قدسسره إذا كان الطرف لها في هذه الدعوى هو أبا بكر ، لكن لو كانت دعوى النحلة هي المتقدّمة لم يتوجّه إشكال الانقلاب أصلاً ، لأنّ توهّم الانقلاب والاحتياج للجواب عنه بعد اختلاق تلك الرواية ، وذلك الاختلاق إنّما كان بعد دعواها الارث المفروض تأخّرها عن دعوى النحلة.
والحاصل : أنّها عليهاالسلام قبل سدّ باب الارث عنها لا تكون بدعواها النحلة منه صلىاللهعليهوآله معترفة بشيء لأبي بكر كي تكون بتلك الدعوى داخلة في باب انقلاب الدعوى في صاحب اليد باقراره بملكية طرفه سابقاً أو بملكية مورّثه ، بل قد عرفت أنّ أبا بكر قبل سدّه باب الارث عنها يكون أجنبياً عن دعوى النحلة ، بل لا وجه لوضع يده على فدك قبل أن يختلق تلك الرواية ، بل تكون مطالبته لها عليهاالسلام بالبيّنة حينئذ أسوأ حالاً من مطالبة ذي اليد ، لكونه قبل سدّه باب الارث عنها أجنبياً عن متروكات النبي صلىاللهعليهوآله بالمرّة ، إلاّ أن يكون ذلك منه بدعوى أنّها ليست من أمواله صلىاللهعليهوآله وأنّها من أموال المسلمين ، نظير الفيء ونحوه كما في بعض ما نقله ابن أبي الحديد في المجلّد الرابع (١).
ولا يخفى أنّه لو كان بناؤه على أنّ فدك ليست له صلىاللهعليهوآله وأنّها فيء للمسلمين لكان عليه أن يردّ فاطمة عليهاالسلام بذلك كما تضمّنته هذه الرواية من عدم كون فدك ملكاً له صلىاللهعليهوآله ، لا أن يطالبها بالبيّنة ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّها وإن كانت فيئاً للمسلمين إلاّ أنّه صلىاللهعليهوآله يصحّ له أن يهبها لها عليهاالسلام ، فلأجل ذلك طالبها عليهاالسلام بالبيّنة ، فراجع ما تكلّم به ابن أبي الحديد في هذا المقام ، أعني أنّه صلىاللهعليهوآله يجوز له هبة الفيء أو لا (٢)
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١٦ : ٢١٤.
(٢) شرح نهج البلاغة ١٦ : ٢٢٥.