أصل الوجود ، وإنّما يدلّ عليه بالالتزام باعتبار توقّف نسبة العارض الثانوي للشيء التي هي مفاد كان الناقصة على أصل وجود ذلك الشيء ، فإنّ وجود العارض لمعروضه يتوقّف على أصل وجود المعروض ، وليس مفاد كان الناقصة إلاّ مجرّد وجود العارض لمعروضه ، وليس هذا الوجود المأخوذ فيها الذي يتضمّنه لفظ الكون إلاّعبارة عن النسبة يعني نسبة العرض إلى معروضه ، وكيف [ كان ] فإنّ الطولية بين ثبوت أصل وجود الشيء ووجود العارض له ممّا لا ريب فيه حتّى فيما لو قلنا : وجد زيد قائماً ، وقصدنا بذلك أصل الوجود ، فإنّه يتضمّن حكمين طوليين أصل الوجود لزيد وكونه قائماً ، ففي مقام الاستصحاب لابدّ من لحاظ هاتين الجهتين ، فلا يمكن أن يتكفّلهما استصحاب واحد ، ولا أقل من كونه واحداً بحسب الصورة لكنّه بحسب الحقيقة متعدّد نظراً إلى تعدّد الجهتين المذكورتين.
ولكن لا يخفى أنّ أصل الإشكال إنّما نشأ ممّا أفاده الشيخ قدسسره (١) في البرهان على اعتبار بقاء الموضوع من استحالة انتقال العرض إلى غير محلّه أو قيامه بلا محلّ ، فإنّ هذا البرهان لا دخل له بمسألة لزوم إحراز بقاء الموضوع المعبّر عنه بوحدة القضيتين موضوعاً. مثلاً لو كان الأثر الشرعي مترتّباً على قيام زيد أعني اتّصافه بالقيام الذي هو المتحصّل من قولنا زيد قائم ، وقد شككنا في تحقّق هذا الموضوع لأجل الشكّ في بقاء زيد الذي هو معروض هذا الوصف أعني القيام ، كانت القضية المتيقّنة هنا ـ وهي قولنا زيد قائم ـ متحدة بالقضية المشكوكة اتّحاداً حقيقياً ، فلا يكون هذا البرهان مانعاً من استصحاب قيام زيد ، إذ لا يلزم قيام العرض بلا محل ، وإنّما يلزم منه الحكم التعبّدي ببقاء قيام زيد مع عدم إحراز
__________________
(١) فرائد الأُصول ٣ : ٢٩٠ ـ ٢٩١.