قوله : وأمّا الإشكال الرابع ففيه : أنّ المراد من التجاوز إنّما هو التجاوز عن محلّ المشكوك فيه مطلقاً ، فإنّ الشكّ في قاعدة الفراغ أيضاً يكون بعد التجاوز عن محلّ الجزء المشكوك فيه الذي كان سبباً للشكّ في وجود الكلّ (١).
لا يخفى أنّ الشكّ بعد الفراغ لو كان في الشرائط التي ليس لها محلّ مخصوص لم يصدق عليه أنّه بعد التجاوز عن محلّ الجزء المشكوك ، فلابدّ أن يراد من التجاوز بالنسبة إلى هذه الصورة التجاوز عن نفس العمل بالفراغ منه. نعم بالنسبة إلى الأجزاء والشرائط التي لها محلّ مخصوص لو كان الشكّ واقعاً بعد الفراغ ، لصدق عليه قاعدة التجاوز بالنسبة إلى محلّ المشكوك المقرّر له ، ولأجل ذلك قلنا إنّ قاعدة التجاوز حاكمة على قاعدة الفراغ في مثل هذه الموارد.
ولا يخفى أنّه لو كان التجاوز في قاعدة الفراغ هو التجاوز عن محلّ الجزء الذي كان الشكّ فيه سبباً للشكّ في الكل ، لكان محصّل قوله عليهالسلام « كلّ ما شككت فيه ممّا قد مضى » (٢) هو أنّ المركّب الذي شككت فيه بعد تجاوز محلّ جزئه الذي كان الشكّ فيه سبباً للشكّ في ذلك المركّب. ولا يخفى ما فيه من التكلّف وعدم الالتئام.
والأولى أن يقال في توجيه الجامع : إنّ المراد هو التجاوز عن نفس الشيء ، وإنّما الاختلاف في المحقّق لذلك التجاوز ، ففي الجزء يكون التجاوز عنه بالدخول في غيره ، وفي الكل يكون التجاوز عنه بالفراغ منه.
وفيه تأمّل ، فإنّ التجاوز عن الجزء حينئذ يكون مجازياً ، وسيأتي الكلام
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٢٦.
(٢) وسائل الشيعة ٨ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨ / أبواب الخلل في الصلاة ب ٢٣ ح ٣.