الوجود ، بل لابدّ في ذلك من دعوى كون الشارع قد نزّل التجاوز عن الجزء أو التجاوز عن محلّه منزلة الفراغ الذي لا يكون إلاّحكماً شرعياً لا أمراً لفظياً ، ومن الواضح أنّ هذا التنزيل لا دليل عليه ، إذ لم يطبّق على التجاوز عن الجزء أو عن محلّه أنّه مضي وفراغ ليكون مرجع هذا الحمل إلى أنّ الشارع نزّل التجاوز عن الجزء منزلة الفراغ عنه. ولو ثبت هذا التنزيل لكان كافياً في حكم الشارع بأنّ ذلك الجزء قد وجد ، لما عرفت من أنّ الفراغ عن الشيء يستدعي وجوده ، لعدم اجتماع الشكّ في وجود الشيء مع الحكم الشرعي بأنّه قد فرغ منه ، وحينئذ يكون هذا التنزيل مغنياً عن الحكم الذي تضمّنته كبرى القاعدة من عدم الاعتناء بالشكّ ، فتأمّل.
قوله : فإن كان ( يعني الجزء المشكوك ) ما عدا الجزء الأخير ، فلا إشكال في صدق التجاوز والمضي والفراغ عن العمل ، ولا يأتي فيه البحث عن اعتبار المحلّ العادي ، لأنّ التجاوز عمّا عدا الجزء الأخير إنّما يكون من التجاوز عن المحلّ الشرعي ، فإنّ المفروض اعتبار الترتيب بين الأجزاء ... الخ (١).
لكن ربما حصل الابتلاء بالمحلّ العادي في الأجزاء في الأثناء ، كما لو كان الشخص من عادته مثلاً في صلاته أنّه يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر مثلاً سبع مرّات فيما بين السجدتين ، فرأى نفسه يقول ذلك وشكّ في السجدة الأُولى ، فبناءً على الاكتفاء بالمحلّ والغير العادي ينبغي القول بعدم التفاته لأنّه شكّ بعد تجاوز المحلّ العادي والدخول في المحلّ العادي ، وهكذا الحال فيما لو كان من عادته أنّه بعد فراغه من السجدة أو التشهّد وإرادته القيام أنّه ينقل ما
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٢٨.