على كون العوضين مملوكين ، فلو شكّ في كون ما وقع عليه العقد كان خمراً أو خلاً لم تنفع أصالة الصحّة في حصول المسبّب ، حيث إنّ صحّة العقد لا ربط لها بحصول المسبّب المتوقّف حصوله على قابلية العوض لأن يكون مملوكاً ، وهكذا الحال في غيره من شرائط العوضين. نعم بعض شرائط العوضين تكون راجعة إلى ناحية السبب ، مثل كونهما معلومين غير مشتملين على الربا ، فيكون هذا النحو مورداً لأصالة الصحّة. أمّا شرائط المتعاقدين فالإنصاف أنّ بعضها صالح وواجد للجهتين ، كالبلوغ الذي هو شرط المتعاقدين ، فإنّ له جهتين إحداهما راجعة إلى ناحية المسبّب التي هي عبارة عن توقّف النقل والانتقال على كون المالك العاقد بالغاً ، بمعنى أنّه لا يحصل النقل والانتقال من غير البالغ ، فلا يكون من هذه الجهة مورداً لأصالة الصحّة ، وله جهة أُخرى راجعة إلى ناحية السبب وهي عبارة عن توقّف تمامية العقد على كون العاقد بالغاً ، سواء كان هو المالك أو كان وكيلاً أو مأذوناً أو فضولياً ، من جهة أنّ الصبي مسلوب العبارة ، ومن هذه الجهة يكون الشكّ في حصول هذا الشرط مورداً لأصالة الصحّة ، وتظهر الثمرة في عقد الوكيل أو المأذون أو الفضولي إذا وقع الشكّ في بلوغه حين العقد ، فإنّ أصالة الصحّة تجري فيه.
وبالجملة : أنّ هذه الشروط كلّها وإن كانت متساوية في أنّ عدمها يوجب عدم المسبّب ، إلاّ أنّه تارة يكون لقصور في السبب كما في الشروط الراجعة إلى ناحية السبب ، وأُخرى يكون ذلك لقصور في المسبّب لأجل قصور فيما وقع عليه السبب أو في من أوقع السبب ، فما كان القصور فيه راجعاً إلى ناحية السبب جرت فيه أصالة الصحّة عند الشكّ فيه ، وما كان راجعاً إلى ناحية المسبّب لم تجر أصالة الصحّة في مورد الشكّ فيه.