التقابل منحصراً في دليلين لا بين ثلاثة يكون الثاني مخصّصاً للأوّل وبه تنقلب النسبة بين الأوّل والثالث من العموم والخصوص المطلق إلى العموم من وجه. وبالجملة : أنّه لا وجه لملاحظة النسبة بين دليل أصالة الصحّة ودليل الاستصحاب بعد تحكيم الأوّل على الثاني في موارد أصالة عدم ترتّب الأثر ، بل اللازم هو ملاحظة النسبة بين دليل أصالة الصحّة والاستصحاب قبل تحكيمه عليه في مورد أصالة عدم ترتّب الأثر.
لأنّا نقول : إنّ الأمر وإن كان كذلك في صورة كون العملية الأُولى من سنخ الثانية وفي رتبتها ، أمّا ما نحن فيه فليس الأمر كذلك ، فإنّ عملية الحكومة مقدّمة رتبة على عملية الجمع الدلالي ، وإذا كان الخروج بطريق الحكومة هو المقدّم رتبة تعيّن في الثاني عدم الركون إلى طريقة التخصيص ، لما عرفت من انقلاب النسبة المانع من إعمال طريقة التخصيص ، فتأمّل.
ولازم ذلك انحصار مجاري أصالة الصحّة فيما لم يكن في البين أصل موضوعي ينفي بعض الشروط حتّى مثل شرائط العقد ممّا يجري فيه أصالة العدم مثل ذكر المهر في العقد المنقطع ، ومثل الموالاة بين الايجاب والقبول ، فلا تكون أصالة الصحّة جارية في مثل ذلك ، بل يكون المحكّم في أمثاله هو أصالة عدم ترتّب الأثر. والظاهر تسالمهم على جريان أصالة الصحّة في أمثال ذلك ممّا يرجع إلى شرائط العقد ، وإن وقع الخلاف فيما هو من قبيل شرائط العوضين أو شرائط المتعاقدين.
وممّا يزيد الطين بلّة باب أصالة الصحّة في عبادات الغير وأفعاله ممّا يترتّب فيه الأثر على غير الفاعل مثل عبادة النائب وتطهير الأجير الثوب ونحو ذلك ، فإنّ جميع هذه الموارد هي موارد تجري فيها أصالة عدم الاتيان بالجزء أو الشرط ،