الأصل النافي لا يجري فيها ، وإنّما يجري الاستصحاب في أحد الطرفين لو اتّفق كونه مورداً له ، ولعلّ موارد الخطأ فيه أقلّ من موارد الخطأ في العلم إن رجعنا إلى العلم ، كما هي أقل من موارد خطأ التخيير أيضاً لو رجعنا إليه ، وهذا واضح في الاستصحاب المثبت لأحد الطرفين ، وأمّا النافي لأحدهما فهو لا يزيد في النتيجة على التخيير ، أمّا تقديمه على تحصيل العلم فلابدّ أن نقول إنّه لأجل مصلحة سلوكية.
ثمّ بعد ما عرفت من هذه الصور وما عرفت من أنّه لا يكفي مجرّد التسهيل في المصلحة السلوكية ، وأنّ المصلحة السلوكية لا توجب الاندراج في صغرى التزاحم والتخيير ، يظهر لك التأمّل في هذا التحرير الذي أُفيد في الكتاب ، فتأمّل.
قوله : لأنّ التعبّد بالأُصول العملية إنّما يكون في ظرف انسداد باب العلم وعدم التمكّن من إدراك الواقع ، لأنّها وظيفة الشاكّ والمتحيّر الذي ... الخ (١).
لا يخفى أنّه قد تقدّم منه قدسسره في مباحث الاشتغال (٢) في تقريب القول بالتخيير في تعارض الأُصول أنّ في ذلك تقريبين : أحدهما هذا الذي أفاده هنا ، وهو قياس المسألة بباب التزاحم بناءً على السببية ، وأجاب عنه هناك بما أجاب به هنا من عدم تصوّر السببية في باب الأُصول العملية. والوجه الثاني هو قياس المسألة بباب العام الذي خرج منه فردان واحتملنا كون خروج كلّ منهما مقيّداً ببقاء الآخر ، وقد تقدّم منه قدسسره في ذلك البحث الجواب عنه بالفرق بين البابين ، لكن قد علّقنا عليه هناك بما حاصله المنع من الفرق المشار إليه ،
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٩٠.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٢٦ ـ ٢٩.