في هذا وقدر علم أن هذا فعل أسسه غير حكيم ولا ذي نظر فقل فإنك رأس هذا الأمر وسنامه وأبوك أسه وتمامه فقال أبو عبد الله عليهالسلام إن من أضله الله وأعمى قلبه استوخم الحق ولم يستعذبه وصار الشيطان وليه وربه وقرينه يورده مناهل الهلكة ثم لا يصدره وهذا بيت استعبد الله به خلقه ليختبر طاعتهم في إتيانه فحثهم على تعظيمه وزيارته وجعله محل أنبيائه وقبلة للمصلين إليه فهو شعبة من رضوانه وطريق يؤدي إلى غفرانه منصوب على استواء الكمال ومجمع العظمة والجلال خلقه الله قبل دحو الأرض بألفي عام فأحق من أطيع فيما أمر وانتهي عما نهى عنه وزجر الله المنشئ للأرواح والصور.
٢ ـ وروي أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال في خطبة له ولو أراد الله جل ثناؤه بأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان ومعادن العقيان ومغارس الجنان
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « استوخم الحق » أي وجده وخيما ثقيلا ولم يسهل عليه إساغته.
قوله عليهالسلام : « لم يستعذبه » أي لم يجده عذبا وهما كنايتان عن ثقل قبول الحق عليه و « المنهل » الشرب.
وفي القاموس : « الصدر » الرجوع ، وقد صدر غيره وأصدره وصدره فصدر وقال استوى اعتدل.
قال الوالد العلامة : رفع الله مقامه ، نصبه على استواء الكمال : هو جعل كل فعل من أفعاله سببا لرفع رذيلة من الرذائل النفسانية وموجبا لحصول فضيلة من الفضائل القلبية ، أو المراد به الكمالات المعنوية للكعبة التي يفهمها أرباب القلوب ويؤيده قوله « ومجتمع العظمة والجلال » فإن عظمته وجلالته معنويتان ، أو التعظيم الذي في قوله تعالى« بَيْتِيَ » بإضافة الاختصاص وتعظيم أنبيائه له حتى صار معظما في قلوب المؤمنين ويقاسون الشدائد العظيمة في الوصول إليه.
قوله عليهالسلام : « فأحق » هو مبتدأ والجلالة خبره.
الحديث الثاني : مرسل. وهي من جملة الخطبة التي تسمى القاصعة.
قوله عليهالسلام : « كنوز الذهبان » هو بالضم جمع ذهب وفي النهج ومعادن العقيان.