شديدا وتمحيصا بليغا وقنوتا مبينا جعله الله سببا لرحمته ووصلة ووسيلة إلى جنته وعلة لمغفرته وابتلاء للخلق برحمته ولو كان الله تبارك وتعالى وضع بيته الحرام ومشاعره العظام بين جنات وأنهار وسهل وقرار جم الأشجار داني الثمار ملتف النبات متصل القرى من برة سمراء وروضة خضراء وأرياف محدقة وعراص مغدقة وزروع ناضرة وطرق عامرة وحدائق كثيرة لكان قد صغر الجزاء على حسب ضعف البلاء ثم لو كانت الأساس المحمول عليها والأحجار المرفوع بها بين زمردة خضراء
______________________________________________________
النهج مكان هذه الفقرة وشوهوا بإعفاء الشعور محاسن خلقهم.
وقال : في النهاية « المحص » التلخيص ومنه تمحيص الذنوب أي إزالتها ومنه حديث علي عليهالسلام وذكر فتنة فقال : « يمحص الناس فيها كما يمحص الذهب المعدن » أي يخلصون بعضهم من بعض ، كما يخلص ذهب المعدن من التراب (١).
وقيل : يختبرون كما يختبر الذهب ليعرف جودته من رداءته.
وفي النهج هكذا ابتلاء عظيما وامتحانا شديدا واختبارا مبينا وتمحيصا بليغا جعله الله سببا لرحمته ووصلة إلى جنته.
قوله عليهالسلام : « ومشاعره » هو جمع مشعر أي محل العبادة وموضعها.
قوله عليهالسلام : « وسهل » أي في مكان سهل يستقر فيه الناس ولا ينالهم من المقام به مشقة والجم الكثير ، وفي النهج ملتف النبي أي مشيتك العمارة ، والبرة الواحدة « البر » وهي الحنطة.
و « الأرياف » جمع ريف وهو كل أرض فيها زرع ونخل.
وقيل : هو ما قارب الماء من الأرض.
وقال الفيروزآبادي : « حدقوا به » أطافوا كأحدقوا ، « والحديقة » الروضة ذات الشجر أو البستان من النخل والشجر ، وكلما أحاط به البناء أو القطعة من النخل و « أحدقت الروضة » صارت حديقة وقال : الغدق الماء الكثير ، وأغدق المطر كثر
__________________
(١) نهاية ابن الأثير : ج ٤ ص ٣٠٢.