التواضع لايزيد الله به إلا ارتفاعا ، وذل النفس لايزيد الله به إلا عزا ، والتعفف لايزيد الله به إلا غنا.
٢٣ ـ كا : عن على ، عن أبيه ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : أرسل النجاشي إلى جعفر بن أبي طالب وأصحابه فدخلوا عليه ، وهو في بيت له جالس على التراب ، وعليه خلقان الثياب ، قال : فقال جعفر عليهالسلام : فأشفقنا كمه حين رأيناه على تلك الحال ، فلما رأى مابنا وتغير وجوهنا قال : الحمد لله الذي نصر محمدا وأقر عينه ، ألا ابشركم؟ فقلت : بلى أيها الملك فقال : إنه جاء في الساعة من نحو أرضكم عين من عيوني هناك فأخبرني أن الله عزوجل قد نصر نبيه محمدا وأهلك عدوه ، واسر فلان وفلان وفلان [ وفلان ] التقوا بواد يقال له بدر كثير الاراك ، لكأني أنظر إليه حيث كنت أرعى لسيدي هناك ، وهو رجل من بني ضمرة.
فقال له جعفر : أيها الملك فمالي أراك جالسا على التراب وعليك هذه الخلقان فقال : ياجعفر إنا نجد فيما أنزل الله على عيسى أن من حق الله على عباده أن يحدثوا له تواضعا عندما يحدث لهم من نعمة ، فلما أحدث الله تعالى لي نعمة بمحمد صلىاللهعليهوآله أحدثت لله هذا التواضع ، فلما بلغ النبي صلىاللهعليهوآله قال لاصحابه : إن الصدقة تزيد صاحبها كثرة ، فتصدقوا يرحمكم الله ، وإن التواضع يزيد صاحبه رفعة فتواضعوا يرحمكم الله ، وإن العفو يزيد صاحبه عزا فاعفوا يعزكم الله (١).
تبين ، النجاشي بفتح النون وتخفيف الجيم وبالشين المعجمة لقب ملك الحبشة ، والمراد هنا الذي أسلم وآمن بالنبي صلىاللهعليهوآله واسمه أصحمة بن بحر أسلم قبل الفتح ، ومات قبله ، صلى عليه النبي صلىاللهعليهوآله لما جاء خبر موته ، وقال الفيروز آبادي : النجاشي بتشديد الياء وبتخفيفها أفصح وتكسر نونها أو هو أفصح أصحمة ملك الحبشة انتهى ، وجعفر بن أبي طالب هو أخو أمير المؤمنين عليهالسلام وكان أكبر منه عليهالسلام بعشر سنين ، وهو من كبار الصحابة ، ومن الشهداء الاولين ، وهو
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ١٢١.