صاحب الهجرتين : هجرة الحبشة وهجرة المدينة ، واستشهد يوم موتة سنة ثمان وله إحدى وأربعون سنة ، فوجد فيما أقبل من جسده تسعون ضربة مابين طعنة برمح وضربة بسيف ، وقطعت يداه في الحرب ، فأعطاه الله جناحين يطير بهما في الجنة فلقب ذا الجناحين ، وقد مرت تفاصيل جميع ذلك في أبوابها.
وقال الجوهري : ثوب الخلق أي بال يستوي فيه المذكر والمؤنث لانه في الاصل مصدر الاخلق وهو الاملس ، والجمع خلقان انتهى «فأشفقا منه» أي خفنا من حاله ومما رأينا منه أن يكون أصابه سوء ، يقال : أشفق منه أي خاف وحذر وأشفق عليه أي عطف عليه ، والعين الجاسوس «وأهلك عدوه» أي السبعين الذين قتلوا منهم أبوجهل وعتبة وشيبة واسر أيضا سبعون ، وبدر اسم موضع بين مكة والمدينة ، وهو إلى المدينة أقرب ، ويقال : هو منها على ثمانية وعشرين فرسخا وعن الشعبي أنه اسم بئر هناك ، قال : وسميت بدرا ، لان الماء كان لرجل من جهينة اسمه بدر كذا في المصباح ، وقال : الاراك شجر من الخمط يستاك بقضبانه الواحدة أراكة ويقال : هي شجرة طويلة ناعمة كثيرة الورق والاغصان خوارة العود ، ولها ثمر في عناقيد يسمى البرين ، يملا العنقود الكف.
«لكأني أنظر إليه» أي هو في بالي كأني أنظر إليه الان ، وحيث للتعليل ويحتمل المكان بدلا من الضمير ، وبنو ضمرة بفتح الضاد وسكون الميم رهط عمرو ابن امية الضمري ، وقيل : لكأني حكاية كلام العين ، وهو بعيد ، بل هو إشارة إلى ماذكروا أن والد النجاشي كان ملك الحبشة ولم يكن له ولد غيره ، وكان للنجاشي عم له اثنا عشر ولدا ، وأهل الحبشة قتلوا والد النجاشي وأطاعوا عمه وجعلوه ملكا وكان النجاشي في خدمة عمه فقالت الحبشة للملك : إنا لانأمن هذا الولد أن يتسلط علينا يوما ويطلب منا دم والده فاقتله ، قال الملك : قتلتم والده بالامس ، وأقتل ولده اليوم؟ أنا لا أرضى بذلك ، وإن أردتم بيعوه من رجل غريب يخرجه من دياركم ، ففعلوا ذلك فبعد زمان اصيب الملك بصاعقة فمات ، ولم يكن أحد من أولاده قابلا للسلطنة فاضطروا إلى أن أتوا وأخذوا النجاشي من