قوما بجهالة » (١) فلا يجوز تصديق إبليس ، ومن هنا جاء في الشرع أن من علمت في فيه رائحة الخمر لايجوز أن تحكم عليه بشربها ولايحده عليه ، لامكان أن يكون تضمض به ومجه أو حمل عليه قهرا ، وذلك أمر ممكن ، فلا يجوزا إساءة الظن بالمسلم ، وقد قال صلىاللهعليهوآله : « إن الله تعالى حرم من المسلم دمه وماله وأن يظن به ظن السوء » فينبغي أن تدفعه عن نفسك ، وتقرر عليه أن حاله عندك مستور كما كان ، فان ما رأيته فيه يحتمل الخير والشر.
فان قلت : فبماذا يعرف عقد سوء الظن والشكوك تختلج ، والنفس تحدث فأقول : أمارة عقد سوء الظن أن يتغير القلب معه عما كان فينفر عنه نفوران لم يعهده ويستثقله ويفتر عن مراعاته وتفقده وإكرامه والاهتمام بسببه ، فهذه أمارات عقد الظن وتحقيقه ، وقد قال صلىاللهعليهوآله : ثلاث في المؤمن لا يستحسن وله منهن مخرج ، فمخرجه من سوء ، الظن أن لايحققه أي لا يحقق في نفسه بعقد ولا فعل ، لا في القلب ولا في الجوارح أما في القلب إلى النفرة والكراهة ، وفي الجوارح بالعمل بموجبه ، والشيطان قد يقرر على القلب بأدنى مخيلة مساءة الناس ويلقي إليه أن هذا من فطنتك وسرعة تنبهك وذكائك ، وأن المؤمن ينظر بنور الله ، وهو على التحقيق ناظر بغرور الشيطان وظلمته.
فأما إذا أخبرك به عدل فآل ظنك إلى تصديقه كنت معذورا لانك لو كذبته لكنت جانيا على هذا العدل ، إذا ظننت به الكذب ، وذلك أيضا من سوء الظن فلا ينبغي أن تحسن الظن بالواحد وتسئ بالاخر ، نعم ينبغي أن تبحث هل بينهما عداوة ومحاسدة ومقت فيتطرق التهمة بسببه وقد رد الشرع شهادة العدو على عدوه للتهمة ، فلك عند ذلك أن تتوقف في إخباره ، وإن كان عدلا ، ولا تصدقه ، ولا تكذبه ، ولكن تقول : المستور حاله كان في ستر الله عني ، وكان أمره محجوبا ، وقد بقي كما كان لم ينكشف لي شئ من أمره.
وقد يكون الرجل ظاهر العدالة ، ولا محاسدة بينه وبين المذكور ، ولكن
____________________
(١) الحجرات : ٧.