المتعلق بالدنيا كقولك قليل الادب متهاون بالناس ، لايرى لاحد عليه حقا كثير الكلام ، كثير الاكل ، نؤوم يجلس في غير موضعه ، ونحو ذلك ، وأما في ثوبه كقولك إنه واسع الكم طويل الذيل ، وسخ الثياب ، ونحو ذلك.
واعلم أن ذلك لا يقصر على اللسان ، بل التلفظ به إنما حرم لان فيه تفهيم الغير نقصان أخيك وتعريفه بما يكرهه ، فالتعريض كالتصريح ، والفعل فيه كالقول والاشارة والايماء والغمز والرمز والكنية ولا حركة ، وكل ما يفهم المقصود داخل في الغيبة ، مساو للسان في المعنى الذى حرم التلفظ به لاجله ، ومن ذلك ما روي عن عايشة أنها قالت : دخلت علينا امرأة فلما ولت أومأت بيدي أي قصيرة فقال صلىاللهعليهوآله : اغتبتيها ومن ذلك المحاكاة بان تمشى متعارجا أو كما يمشي فهو غيبة ، بل أشد من الغيبة ، لانه أعظم في التصوير والتفهيم ، وكذلك الغيبة بالكتاب فان الكتاب كما قيل احد اللسانين.
ومن ذلك ذكر المصنف شخصا معينا وتهجين كلامه في الكتاب إلا أن يقترن به شئ من الاعذار المحوجة إلى ذكره كمسائل الاجتهاد التي لا يتم الغرض من الفتوى وإقامة الدلائل على المطلوب إلا بتزييف كلام الغير ونحو ذلك ، ويجب الاقتصار على ما تندفع به الحاجة في ذلك وليس منه قوله قال قوم كذا مالم يصرح بشخص معين ، ومنها أن يقول الانسان بعض من مربنا اليوم أو بعض من رأيناه حاله كذا إذا كان المخاطب يفهم منه شخصا معينا لان المحذور تفهيمه دون ما به التفهيم فأما إذا لم يفهمه عينه جاز ، كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا كره من إنسان شيئا قال : ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا ، ولا يعين.
ومن أخبث أنواع الغيبة غيبة المتسمين بالفهم والعلم المرائين ، فانهم يفهون المقصود على صفة أهل الصلاح والتقوى ليظهروا من أنفسهم التعفف عن الغيبة ويفهمون المقصود ، ولا يدرون بجهلهم أنهم جمعوا بين فاحشتين : الرياء والغيبة وذلك مثل أن يذكر عنده إنسان فيقول : الحمد لله الذي لم يبتلنا بحب الرياسة أو بحب الدنيا أو بالتكيف بالكيفية الفلانية ، أو يقول : نعوذ بالله من قلة الحياء