أو من سوء التوفيق أو نسأل الله أن يعصمنا من كذا بل مجرد الحمد على شئ إذا علم منه اتصاف المحدث عنه بما ينافيه ونحو ذلك فانه يغتابه بلفظ الدعاء وسمت أهل الصلاح ، وإنما قصده ان يذكر عيبه بضرب من الكلام المشتمل على الغيبة والرياء ودعوى الخلاص من الرذائل ، وهو عنوان الوقوع فيها ، بل في أفحشها.
ومن ذلك أنه قد يقدم مدح من يريد غيبته فيقول : ما أحسن أحوال فلان ما كان يقصر في العبادات ولكن قد اعتراه فتور وابتلى بما نبتلي به كلنا ، وهو قلة الصبر ، فيذكر نفسه بالذم ومقصوده أن يذم غيره ، وأن يمدح نفسه بالتشبه بالصالحين في ذم أنفسهم ، فيكون مغتابا مرائيا مزكيا نفسه فيجمع بين ثلاث فواحش ، وهو يظن بجهله أنه من الصالحين المتعففين عن الغيبة ، هكذا يلعب الشيطان بأهل الجهل إذا اشتغلوا بالعلم أو العمل ، من غير أن يتقنوا الطريق ، فيتعبهم ويحبط بمكائده عملهم ، ويضحك عليهم.
ومن ذلك أن يذكر ذاكر عيب إنسان فلا يتنبه له بعض الحاضرين فيقول سبحان الله ما أعجب هذا حتى يصغي الغافل إلى المغتاب ، ويعلم ما يقوله ، فيذكر الله سبحانه ، ويستعمل اسمه آلة له في تحقيق خبثه وباطله ، وهو يمن على الله بذكره جهلا منه وغرورا.
ومن ذلك أن يقول : جرى من فلان كذا وابتلي بكذا ، بل يقول : جرى لصاحبنا أو صديقنا كذا تاب الله علينا وعليه ، يظهر الدعاء والتألم والصداقة والصحبة ، والله مطلع على خبث سريرته وفساد ضميره ، وهو بجهله لا يدري أنه قد تعرض لمقت أعظم مما يتعرض له الجهال إذا جاهروا بالغيبة.
ومن أقسامها الخفية الاصغاء إلى الغيبة على سبيل التعجب فانه إنما يظهر التعجب ليزيد نشاط المغتاب في الغيبة ، فيزيد فيها فكأنه يستخرج منه الغيبة بهذا الطريق ، فيقول : عجبت مما ذكرته ما كنت أعلم بذلك إلى الان ما كنت أعرف من فلان ذلك ، يريد بذلك تصديق المغتاب ، واستدعاء الزيادة منه باللطف والتصديق للغيبة غيبة ، بل الاصغاء إليها بل السكوت عند سماعها قال ، رسول الله