سالم رفعه قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : لو لا أن المكر والخديعة في النار لكنت أمكر الناس (١).
بيان : في القاموس المكر الخديعة ، وقال : خدعه كمنعه خدعا ويكسر ختله وأراد به المكروه من حيث لا يعلم ، كاختدعه فانخدع والاسم الخديعة ، وقال الراغب : المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة ، وذلك ضربان : مكر محمود وهو أن يتحرى بذلك فعل جميل ، وعلى ذلك قال الله عزوجل : «والله خير الماكرين» ومذموم وهو أن يتحرى به فعل قبيح ، قال تعالى : «ولا يحيق المكسر السيئ إلا بأهله» وقال في الامرين : «ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون» وقال بعضهم : من مكر الله تعالى إمهال العبد وتمكينه من أعراض الدنيا ، ولذلك قال أمير المؤمنين عليهالسلام : من وسع عليه دنياه ولم يعلم أنه مكر به فهو مخدوع عن عقله ، وقال : الخداع إنزال الغير عما هو بصدده بأمر يبديه على خلاف ما يخفيه انتهى (٢).
وفي المصباح خدعته خدعا فانخدع والخدع بالكسر اسم منه ، والخديعة مثله ، والفاعل خدوع مثل رسول ، وخداع أيضا وخادع والخدعة بالضم ما يخدع به الانسان مثل اللعبة لما يلعب به انتهى.
وربما يفرق بينهما حيث اجتمعا بأن يراد بالمكر احتيال النفس واستعمال الرأي فيما يراد فعله مما لا ينبغي ، وإرادة إظهار غيره وصرف الفكر في كيفيته وبالخديعة إبراز ذلك في الوجود وإجراؤه على من يريد وكأنه عليهالسلام إنما قال ذلك لان الناس كانوا ينسبون معاوية لعنه الله إلى الدهاء والعقل ، وينسبونه عليهالسلام إلى ضعف الرأي ، لما كانوا يرون من إصابة حيل معاوية المبنية على الكذب والغدر والمكر ، فبين عليهالسلام أنه أعرف بتلك الحيل منه ، ولكنها لما كانت مخالفة لامر الله ونهيه ، فلذا لم يستعملها كما روى السيد رضياللهعنه في نهج البلاغة عنه صلوات الله عليه أنه قال :
____________________
(١) الكافى ج ٢ ص ٣٣٦. (٢) مفردات القرآن : ٤٧١ و ١٤٣.