بعضا «(١).
بيان : الانتصار الانتقام ، » وكذلك نولي «أقول : قبله قوله تعالى : « ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الانس ، وقال أولياؤهم من الانس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثويكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم » ثم قال سبحانه : « وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون » (٢) وقال الطبرسي رحمهالله : الكاف للتشبيه أي كذلك المهل بتخلية بعضهم على بعض للامتحان الذي معه يصح الجزاء على الاعمال ، توليتنا بعض الظالمين بعضا بأن نجعل بعضهم يتولى أمر بعض للعقاب الذي يجري على الاستحقاق ، وقيل : معناه أنا كما وكلنا هؤلاء الظالمين من الجن والانس بعضهم إلى بعض يوم القيامة وتبرأنا منهم ، فكذلك نكل الظالمين بعضهم إلى بعض يوم القيامة ، ونكل الاتباع إلى المتبوعين ، ونقول للاتباع قولوا للمتبوعين حتى يخلصوكم من العذاب عن الجبائي ، وقال غيره : لما حكى الله سبحانه ما يجري بين الجن والانس من الخصام والجدال في الاخرة ، قال : « وكذلك» أي وكما فعلنا بهؤلاء من الجمع بينهم في النار ، وتولية بعضهم بعضا نفعل مثله بالظالمين جزاء على أعمالهم ، وقال ابن عباس : إذا رضي الله عن قوم ولى أمرهم خيارهم ، وإذا سخط على قوم ولى أمرهم شرارهم بما كانوا يكسبون من المعاصي أي جزاء على أعمالهم القبيحة ، وذلك معنى قوله : «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» (٣) ومثله ما رواه الكلبي عن مالك بن دينار قال : قرأت في بعض كتب الحكمة أن الله تعالى يقول : إني أنا الله مالك الملوك ، قلوب الملوك بيدي ، فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة ، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك ، ولكن توبوا إلى اعطفهم عليكم ، وقيل : معنى نولي بعضهم بعضا نخلي بينهم وبين ما يختارونه من غير نصرة لهم ، وقيل : معناه
____________________
(١) الكافى ج ٢ ص ٣٣٤. (٢) الانعام : ١٢٨ و ١٢٩.
(٣) الرعد : ١١.