نتابع بعضهم بعضا في النار انتهى (١).
وأقول : ما ذكره عليهالسلام أوفق بكلام ابن عباس والكلبى ومطابق لظاهر الاية.
٥٨ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب عن ابن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : دخل رجلان على أبي عبدالله عليهالسلام في مداراة بينهما ومعاملة ، فلما أن سمع كلامهما قال : أما إنه ما ظفر أحد بخير من ظفر بالظلم ، أما إن المظلوم يأخذ من دين الظالم أكثر مما يأخذ الظالم من مال المظلوم ثم قال : من يفعل الشر بالناس فلا ينكر الشر إذا فعل به ، أما إنه إنما يحصد ابن آدم ما يزرع ، وليس يحصد أحد من المر حلوا ولا من الحلو مرا فاصطلح الرجلان قبل أن يقوما (٢).
بيان : في القاموس تدارؤا تدافعوا في الخصومة ، ودارأته : داريته ودافعته ولا ينته ضد «فلما أن سمع» أن زائدة لتأكيد الاتصال «ما ظفر أحد بخير» أقول : هذه العبارة تحتمل عندي وجوها :
الاول أن ظفر من باب علم ، والظفر الوصول إلى المطلوب ، والباء في قوله : «بخير» للالية المجازية كقولك قام زيد بقيام حسن ، وفي «بالظلم» صلة للظفر و «من» صلة لافعل التفضيل ، والظلم مصدر مبنى للفاعل أو للمفعول ، والحاصل أنه لم يظفر أحد بنعمة يكون خيرا من أن يظفر بظلم ظالم له أو بمظلومية من ظالم فانه ظفر بالمثوبات الاخروية كما سنبينه.
الثاني أن يكون كالسابق لكن يكون الباء في قوله : «بخير» صلة للظفر وفي قوله : «بالظلم» للالية المجازية و «من» للتعليل متعلقا بالظفر ، والظلم مصدر مبنى للفاعل ، أي ما ظفر أحد بأمر خير بسبب ظفره بظلم أحد.
الثالث ما قيل : إن الخير مضاف إلى من بالفتح ، ولا يخفى ما فيه.
الرابع أن يكون من اسم موصول وظفر فعلا ما ضيا ، ويكون بدلا لقوله :
____________________
(١) مجمع البيان ج ٤ ص ٣٦٦. (٢) الكافى ج ٢ ص ٣٣٤.