«أحد» كما في قوله تعالى : «ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا» (١) وهذا مما خطر أيضا بالبال ، لكن الاول أحسن الوجوه ، وعلى التقادير قوله : «أما إنه» استيناف بياني لسابقه ويؤيده ما روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام : لا يكبرن عليك ظلم من ظلمك ، فانه يسعى في مضرته ونفعك.
«وليس يحصد أحد من المر حلوا» [هذا تمثيل لبيان أن جزاء الشر لايكون نفعا وخيرا وجزاء الخير وثمرته لا يكون شرا ووبالا في الدارين].
٥٩ ـ كا : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن وهب بن عبد ربه وعبدالله الطويل عن شيخ من النخع قال : قلت لابي جعفر عليهالسلام : إني لم أزل واليا منذ زمن الحجاج إلى يومي هذا ، فهل لي من توبة؟ قال : فسكت ثم أعدت عليه فقال : لا حتى تؤدي إلى كل ذي حق حقه (٢).
بيان : النخع بالتحريك قبيلة باليمن منهم مالك الاشتر «حتى تؤدي» أي مع معرفتهم وإمكان الايصال إليهم ، وإلا فالتصدق أيضا لعله قائم مقام الايصال كما هو المشهور ، إلا أن يقال : أرباب الصدقة أيضا ذوو الحقوق في تلك الصورة ، ولعله عليهالسلام لما علم أنه لا يعمل لقوله ، لم يبين له المخرج من ذلك والله يعلم.
٦٠ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد عن إبراهيم بن عبدالحميد ، عن الوليد بن صبيح ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : ما من مظلمة أشد من مظلمة لا يجد صاحبها عليها عونا إلا الله (٣).
بيان : «لا يجد صاحبها عليها عونا» أي لا يمكنه الانتصار في الدنيا لا بنفسه ولا بغيره ، وظلم الضعيف العاجز أفحش ، وقيل : المعنى انه لا يتوسل في ذلك إلى أحد ولا يتسعين بحاكم بل يتوكل على الله ، ويؤخر انتقامه إلى يوم الجزاء والاول أظهر ، وروي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : قال الله عزوجل : «اشتد غضبي على من ظلم أحدا لا يجد ناصر غيري» وروي أيضا عنه صلى الله على وآله أن العبد إذا ظلم فلم ينتصر ولم يكن من ينصره ورفع طرفه إلى السماء فدعا الله تعالى قال جل جلاله : لبيك عبدي أنصرك عاجلا وآجلا ، اشتد غضبي على من ظلم
____________________
(١) آل عمران : ٩٧. (٢ و ٣) الكافى ج ٢ ص ٣٣١.