يخرب قلوبكم ، وقال صلىاللهعليهوآله : أحب الناس يوم القيامة وأقربهم إلى الله مجلسا إمام عادل ، وإن أبغض الناس إلى الله وأشدهم عذابا إمام جائر ، وقال صلىاللهعليهوآله : من أصبح ولا يهم بظلم أحد غفر له ما اجترم
٦٠ ـ ارشاد القلوب : روى المظفري في تاريخه قال : لما حج المنصور في سنة أربع وأربعين ومائة ، نزل بدار الندوة ، وكان يطوف ليلا ولا يشعر به أحد ، فإذا اطلع الفجر صلى بالناس وراح في موكبه إلى منزله ، فبينما هو ذات ليلة يطوف إذ سمع قائلا يقول : اللهم إنا نشكو إليك ظهور البغي والفساد في الارض ، وما يحول بين الحق وأهله من الظلم ، قال : فملا المنصور مسامعه منه ثم استدعاه فقال له : ما الذي سمعته منك؟ قال : إن امنتني على نفسي نبأتك بالامور من أصلها ، قال : أنت آمن على نفسك ، قال : أنت الذي دخله الطمع حتى حال بينه وبين الحق وحصول ما في الارض من البغي والفساد ، فان الله سبحانه وتعالى استراعاك امور المسلمين فاغفلتها ، وجعلت بينك وبينهم حجابا وحصونا من الجص والاجر وأبوابا من الحديد ، وحجبة معهم السلاح ، واتخذت وزراء ظلمة ، وأعوانا فجرة ، إن أحسنت لا يعينوك ، وإن أسأت لا يردوك ، وقومتهم على ظلم الناس ولم تأمرهم باعانة المظلوم والجايع والعاري ، فصاروا شركاءك في سلطانك ، وصانعتهم العمال بالهدايا خوفا منهم ، فقالوا : هذا قد خان الله فمالنا لا نخونه فاختزنوا الاموال ، وحالوا دون المتظلم ودونك ، فامتلات بلاد الله فسادا وبغيا وظلما ، فما بقاء الاسلام وأهله على هذا؟.
وقد كنت اسافر إلى بلاد الصين وبها ملك قد ذهب سمعه ، فجعل يبكي فقال له وزراؤه : ما يبكيك؟ فقال : لست أبكي على ما نزل من ذهاب سمعي ولكن المظلوم يصرخ بالباب ولا أسمع نداءه ، ولكن إن كان سمعي قد ذهب فبصري باق ، فنادى في الناس : لا يلبس ثوبا أحمر إلا مظلوم ، فكان يركب الفيل في كل طرف نهار هل يرى مظلوما فلا يجده.
هذا وهو مشرك بالله ، وقد غلبت رأفته بالمشركين على شح نفسه ، وأنت