وكتب إلى امراء الخراج : بسم الله الرحمن الرحيم من عبدالله علي أمير المؤمنين إلى امراء الخراج أما بعد فانه من لم يحذر ما هو صائر إليه ، لم يقدم لنفسه ، ولم يحرزها ، ومن اتبع هواه وانقاد له فيما لم يعرف نفع عاقبته عما قليل ليصبحن من النادمين ، ألا وإن أسعد الناس في الدنيا من عدل عما يعرف ضره ، وإن أشقاهم من اتبع هواه ، فاعتبروا واعلموا أن لكم ما قدمتم من خير ، وما سوى ذلك وددتم لو أن بينكم وبينه أمدا بعيدا ، ويحذركم الله نفسه والله رؤف بالعباد.
وإن عليكم وبال ما فرطتم فيه ، وإن الذي طلب منكم ليسير ، وإن ثوابه لكثير ، ولو لم يكن فيما نهي عنه من الظلم والعدوان عقاب يخاف ، كان في ثوابه ما لا عذر لاحد في ترك طلبه ، فارحموا ترحموا ، ولا تعذبوا خلق الله ، ولا تكلفوهم فوق طاقتهم ، وأنصفوا الناس من أنفسكم ، واصبرا لحوائجهم ، فانكم خزان الرعية ، لا تتخذن حجابا ، ولا تحجبن أحدا عن حاجته ، حتى ينهيها إليكم ، ولا تأخذوا أحدا بأحد إلا كفيلا عمن كفل عنه ، واصبروا أنفسكم على ما فيه الاغتباط ، وإياكم وتأخير العمل ، ودفع الخير ، فان في ذلك الندم والسلام.
قال : وكتب عليهالسلام إلى امراء الاجناد بسم الله الرحمن الرحيم من عبدالله علي أمير المؤمنين أما بعد فاني أبرأ إليكم وإلى أهل الذمة من معسرة الجيش إلا من جوعة إلى شبعة ، ومن فقر إلى غنى ، أو عمى إلى هدى ، فان ذلك عليهم ، فاعدلوا الناس عن الظلم والعدوان ، وأن خذوا على أيدي سفهائكم واحترسوا أن تعملوا أعمالا لا يرضى الله بها عنا فيرد علينا وعليكم دعاءنا فان الله تعالى يقول : «قل ما يعبؤ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما» (١) فان الله إذا مقت قوما من السماء هلكوا في الارض ، فلا تدخروا لانفسكم خيرا للجند حسن السيرة وللرعية معونة ، ولدين الله قوة ، وابلوه في سبيله ما استوجب عليكم ، فان الله قد اصطنع عندنا وعندكم ما نشكره بجهدنا وإن
____________________
(١) الفرقان : ٧٧.