رأسه ، فإنّه يجب عليه اعادة غسل رأسه ثانيا ، واعادة غسل ميامنه ، لأنّه حصل مغسولا بغير نية الطهارة ، فليلحظ ذلك ، وليتأمّل ، وهكذا إذا غسل ميامنه أوّلا ، ثم رأسه ثانيا ، ثم مياسره ثالثا ، والقول في ذلك على ما حرّرناه وبيّناه ، فالطريقة واحدة ، والله الموفق للصواب.
والموالاة التي أوجبناها في الوضوء لا تجب في الغسل ، وجائز أن يفرّقه ، كما انّه يغسل رأسه في أوّل النهار ، ويتم الباقي من جسده في وقت آخر.
فإن أحدث فيما بين الوقتين حدثا ، من جملة الستة التي تنقض الوضوء ولا توجب الغسل ، فقد اختلف أصحابنا في ذلك على ثلاثة أقوال : قائل يقول يجب عليه اعادة غسل رأسه.
وقائل يقول لا يجب عليه اعادة غسل رأسه ، بل يتمم غسل ميامنه ومياسره ، فإذا أراد الصلاة ، فلا بد له من وضوء ، ولا يستبيحها بمجرد ذلك الغسل.
وقائل يقول لا يجب عليه اعادة غسل رأسه ، وإن أراد الصلاة يستبيحها بمجرّد غسله بعد إتمامه باقي جسده.
وهذا القول هو الذي تقتضيه الأدلة وأصول المذهب ، لأنّ إعادة غسل رأسه لا وجه لها لأنّ بالإجماع انّ ناقض الطهارة الصغرى لا يوجب الطهارة الكبرى بغير خلاف.
فأمّا القائل بأنّه لا يعيد غسل رأسه ، بل يتمم غسل باقي جسده ، فإذا أراد الصّلاة فلا بد له من الوضوء ، فباطل أيضا ، لأنّ هذا بعد حدثه الأصغر جنب ، وأحكام المجنبين يتناوله ، بغير خلاف ، من قوله تعالى : « وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا » (١) وقوله تعالى : « وَلا جُنُباً إِلّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا » (٢) فأجاز تعالى
__________________
(١) المائدة : ٦.
(٢) النساء : ٤٣.