ذلك من الأخبار ، فمحمول على تحديد وقت النوافل ، دون الفرائض ، لأنّه إذا صار ظلّ كلّ شيء مثله ، ولم يصلّ المكلّف نافلة الظهر ، فقد خرج وقتها ، وصارت قضاء بغير خلاف.
وكذلك نافلة العصر ، إذا صار ظلّ كلّ شيء مثليه ، ولم يصلّ المكلّف نافلته فقد خرج وقتها ، وصارت قضاء بغير خلاف ، وإن كان وقت الظهر والعصر باقيا ، ولو كانت الأذرع والظل والقامة ، أوقاتا للفرائض ، ما اختلفت هذا الاختلاف وتباينت هذا التباين ، وانما هذا الاختلاف ، لأجل أوقات النوافل ، ليقع التنفل ، والتسبيح ، والدعاء في هذا الزمان على قدر تطويل المكلّف في نافلته ، وتسبيحه ودعائه ، فمن طوّل في نافلته ، كان أكبر المقادير له وقتا ومن قصر دون ذلك في نافلته ، كان أوسط المقادير له وقتا ، ومن قصر في نافلته ، كان أقصر المقادير المضروبة وقتا لنافلته ، وهذا هو الأفضل والأولى ، فجعلت الأقدام والأذرع والأسباع والأظلة والقامات حدّا للنافلة والفضل لا للجواز ، ومن هاهنا جاء الاشتباه على بعض أصحابنا وزلّت الأقدام ، فجعل وقت النافلة وقتا للفريضة ، على ما أسلفنا القول فيه ، وبيّناه ، وبهذه الجملة يلوح السيد المرتضى رضياللهعنه في جوابات المسائل الناصريات (١).
وأيضا لا خلاف بين المخالف في المسألة والموافق من أصحابنا ، أنّ الذي أفاض من عرفات ، لا يصلّي المغرب إلا بالمزدلفة ، وإن ذهب ربع الليل ، وذلك هو الأفضل المستحب ولو لم يكن وقتا لها ، لما جاز له تأخير المغرب إلى خروج وقتها ، سواء كان مسافرا أو حاضرا ، مضطرا أو مختارا ، لأنّه ليس للمسافر أن يصلّي الصلاة في غير وقتها ، كما ان ليس للحاضر ذلك.
فأمّا ما يوجد في بعض الكتب ، ويقوله بعض أصحابنا ، من انّه إذا زالت
__________________
(١) المسائل الناصريات : كتاب الصلاة ، المسألة ٧٢.