قال : دليلنا أنّه لا خلاف أنّها تنعقد بالإمام أو بأمره ، وليس على انعقادها إذا لم يكن إمام ولا أمره دليل ، ثم قال : وأيضا عليه إجماع الفرقة ، فإنّهم لا يختلفون أنّ من شرط الجمعة الإمام أمره ثم قال : وأيضا فإنّه إجماع ، فإنّ من عهد النبيّ صلىاللهعليهوآله إلى وقتنا هذا ، ما أقام الجمعة إلا الخلفاء ، والأمراء ، ومن ولّي الصلاة ، فعلم أن ذلك إجماع أهل الأعصار ، ولو انعقدت بالرعية لصلّوها كذلك ، ثم سأل نفسه رضياللهعنه فقال : فإن قيل : أليس قد رويتم فيما مضى ، وفي كتبكم ، أنّه يجوز لأهل القرايا والسواد والمؤمنين ، إذا اجتمع العدد الذين ينعقد بهم ، أن يصلّوا الجمعة ، فأجاب بجواب عجيب ، بأن قال : قلنا ذلك مأذون فيه ، مرغب فيه فجرى ذلك مجرى أن ينصب الإمام من يصلّي بهم (١).
قال محمد بن إدريس : نحن نقول في جواب السؤال ، القرايا والسواد ، إذا اجتمع العدد الذين تنعقد بهم الجمعة ، وكان فيهم نواب الإمام أو نواب خلفائه ، ونحمل الأخبار على ذلك ، فأما قوله رضياللهعنه : « ذلك مأذون مرغّب فيه ، فجرى ذلك مجرى أن ينصب الإمام من يصلّى بهم » ، فيحتاج إلى دليل على هذه الدعوى وبرهان ، لأنّ الأصل براءة الذّمة من الوجوب أو الندب ، ولو جرى ذلك مجرى أن ينصب من يصلّي بهم ، لوجبت الجمعة على من يتمكن من الخطبتين ، ولا كان يجزيه صلاة أربع ركعات ، وهذا لا يقوله منّا أحد ، والذي يقوى عندي ، صحة ما ذهب إليه في مسائل خلافه ، وخلاف ما ذهب إليه في نهايته ، للأدلّة التي ذكرها من إجماع أهل الأعصار ، وأيضا فإنّ عندنا بلا خلاف بين أصحابنا ، أنّ من شرط انعقاد الجمعة ، الإمام أو من نصبه الإمام للصلاة ، وأيضا الظهر أربع ركعات في الذّمة بيقين ، فمن قال صلاة ركعتين تجزي عن الأربع ، يحتاج إلى دليل ، فلا نرجع عن المعلوم بالمظنون ، وأخبار الآحاد التي
__________________
(١) الخلاف : مسألة ٤٣ من كتاب صلاة الجمعة.