آخر كلام السيد المرتضى رضياللهعنه ، ولم يقسّم حال العريان بل أوجب عليه الصلاة جالسا ، في سائر حالاته.
وشيخانا قسما حاله إلى أنّه يجب عليه إذا أمن من اطلاع غيره عليه ، أن يصلّي قائما بالإيماء ، وإن لم يأمن من اطلاع غيره عليه ، يجب ان يصلّى جالسا بالإيماء.
واستدل شيخنا أبو جعفر على وجوب صلاة العريان قائما في مسائل خلافه ، فقال : دليلنا على وجوب الصلاة قائما طريقة الاحتياط ، فإنّه إذا صلّى كذلك برئت ذمته بيقين ، وإذا صلّى من جلوس لم تبرأ ذمّته بيقين ، قال : وأمّا إسقاط القيام بحيث قلناه ، فلإجماع الفرقة ، قال : وأيضا ستر العورة واجب ، فإذا لم يمكن ذلك إلا بالقعود ، وجب عليه ذلك (١) وهذا دليل منه رضياللهعنه غير واضح.
ولقائل أن يقول ، يمكن ستر العورة ، وهو قائم ، بأن يجعل يديه على سوأتيه ، فإن كان على القعود إجماع كما ذكره ، وإلا فدليله على وجوب القيام ، قاض عليه ، في هذه المسألة التي أوجب عليه فيها القعود.
وقال في مسائل خلافه في الجزء الأوّل في كتاب الجماعة : مسألة : يجوز للقاعد أن يأتم بالمومي ، ويجوز للمكتسي أن يأتم بالعريان (٢).
قال محمّد بن إدريس : إن أراد شيخنا بالعريان ، الجالس ، فهذا لا يجوز بالإجماع ، أن يأتم قائم بقاعد ، فلم يبق إلا أنّه أراد بالعريان القائم ، يكون إماما للمكتسي القائم أيضا ، فإذا كان كذلك ، فعنده ، العريان الذي لا يأمن من اطلاع غيره عليه ، لا يجوز أن يصلّي إلا جالسا ، وهذا معه غيره ، فكيف يصلّي قائما ، وهذا رجوع عما ذهب إليه في نهايته (٣) ، من قسمة للعريان ، ولا أرى بصلاة المكتسي القائم خلف العريان القائم ، بأسا ، إذ لا دليل على بطلانها ، من
__________________
(١) الخلاف : كتاب الصلاة ، المسألة ١٥١ من مسائل ستر العورة.
(٢) الخلاف : كتاب الصلاة ، مسألة ٥ من صلاة الجماعة.
(٣) النهاية : كتاب الصلاة ، باب الجماعة وأحكامها تعرض للمسألة في آخر الباب.