والقضاء دليل ، يعتمد عليه ، ولا شيء يستند إليه ، بل بقي الأصل براءة الذمة ، من أن يعلق عليها شيء ، إلا بدليل شرعي ، ولا دليل شرعي على ذلك ، لأنّ ما تعرف به المسألة (١) الشرعية ، أربع طرق ، امّا كتاب الله تعالى ، أو السنّة المتواترة ، أو الإجماع ، أو دليل العقل ، فإذا فقدنا الثلاث ، بقي الرابع ، وهو دليل العقل.
وأمّا الكذب على الله سبحانه ، وعلى رسوله ، والأئمة عليهمالسلام ، متعمدا ، فقد قال شيخنا أبو جعفر في مبسوطة : وفي أصحابنا من قال ، إن ذلك لا يفطر ، وانّما ينقص (٢) وقال في مبسوطة : والارتماس في الماء ، على أظهر الروايات ، وفي أصحابنا من قال انه لا يفطر مع ما قال في استبصاره ، من أنّه ما وجدت به حديثا ، وفي هذا تناقض ظاهر ، وقول غير واضح.
فأمّا غبار النفض ، فالذي يقوى في نفسي ، أنّه يوجب القضاء ، دون الكفارة ، إذا تعمّد الكون ، في تلك البقعة ، من غير ضرورة ، فأمّا إذا كان مضطرا إلى الكون في تلك البقعة ، وتحفظ ، واحتاط في التحفظ ، فلا شيء عليه ، من قضاء وغيره ، لأنّ الأصل براءة الذمة من الكفارة ، وبين أصحابنا في ذلك خلاف ، والقضاء مجمع عليه.
فأمّا المقام على الجنابة متعمدا ، حتى يطلع الفجر ، فالأقوى عندي ، وجوب القضاء والكفارة ، للإجماع على ذلك من الفرقة ، ولا يعتد بالشاذّ الذي يخالف في ذلك.
وكذلك يقوى في نفسي القضاء والكفارة ، على من ازدرد شيئا ، يقصد به إفساد الصوم ، سواء كان مطعوما معتادا ، مثل الخبز واللحم ، أولا يكون معتادا ، مثل التراب ، والحجر والفحم (٣) ، والحصى ، والخرف ، والبرد ، وغير ذلك ، لأنّه إجماع من الفرقة.
ومن ظن أنّ الشمس قد غابت ، لعارض يعرض في السماء ، من ظلمة أو قتام ، ولم يغلب على ظنه ذلك ، ثم تبين الشمس بعد ذلك ، فالواجب عليه القضاء ، دون الكفارة ، فإن كان مع ظنه ، غلبة قوية ، فلا شيء عليه ، من
__________________
(١) في وج : المسائل
(٢) المبسوط : كتاب الصوم ، فصل في ذكر ما يمسك عنه الصائم
(٣) ج : والحجر والحصى.