وقد رجع شيخنا ، في مسائل الخلاف ، وحقّق القول في المسألة ، فقال : مسألة : لا يصح الاعتكاف إلا بصوم ، أيّ صوم كان ، عن نذر ، أو رمضان ، أو تطوعا ، ثم قال : دليلنا إجماع الفرقة (١). فدلّ بالإجماع على المسألة ، فعلم أنّه أراد في نهايته ما قلناه.
وقال السيد المرتضى ، في مسائل الطبريات : المسألة الخامسة والثلاثون والمائة : من شرع في الاعتكاف ، ثم أفسده ، لزمه القضاء ، قال السيد المرتضى : الذي نقوله في هذه المسألة ، ليس يخلو الاعتكاف من أن يكون واجبا بالنذر ، أو تطوعا ، فإن كان واجبا ، لزم مع إفساده القضاء ، وإن كان تطوعا ، لم يلزمه القضاء ، لأنّ التطوع لا يجب عندنا بالدخول فيه هذا آخر كلام المرتضى رضياللهعنه.
فإذا تحقق وتقرر ما شرحناه ، فما أورده شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمهالله في نهايته (٢) ، وفي مبسوطة (٣) ، من قوله : فمن اعتكف ثلاثة أيام ، كان فيما زاد عليها بالخيار ، إن أراد أن يزداد ، ازداد ، وإن أراد أن يرجع ، رجع فإن صام بعد الثلاثة الأيام ، يومين آخرين ، لم يجز له الرجوع ، وكان عليه إتمام ثلاثة أيام أخر ، فإن كان قد زاد يوما واحدا ، جاز له أن يفسخ الاعتكاف. وهذه أخبار آحاد ، لا يلتفت إليها ، ولا يعرج عليها.
وينبغي للمعتكف ، أن يشرط على ربه في حال ما يعزم على الاعتكاف ، كما يشرط في حال الإحرام ، بأنّه إن عرض له عارض ، جاز له أن يرجع فيه ، أيّ وقت شاء ، فإن لم يشرط لم يكن له الرجوع فيه ، إلا أن يكون أقل من يومين ، فإن مضى عليه يومان ، وجب عليه تمام ثلاثة أيام ، حسب ما قدّمناه ، هكذا أورده شيخنا أبو جعفر في النهاية (٤) ، والأصل ما قدّمناه ، وشرحناه ، وحررناه.
والأولى بالمعتكف ، أن يجتنب جميع ما يجتنبه المحرم ، إلا ما خرج بالدليل ،
__________________
(١) الخلاف : كتاب الاعتكاف ، مسألة ٢
(٢) النهاية : باب الاعتكاف.
(٣) المبسوط : كتاب الاعتكاف ، في فصل أقسام الاعتكاف
(٤) النهاية : باب الاعتكاف.