فبعض منهم ، يوجب الزكاة فيما عدا الدنانير والدراهم ، في أموال الأطفال ، والمجانين ، وبعض منهم لا يوجب ذلك ، والجميع متفقون على أنّه لا زكاة عليهم ، في الدنانير والدراهم ، وانّما اختلفوا فيما عدا الدنانير والدراهم ، فإذا فقدنا دليل الإجماع ، والأصل براءة الذمة من العبادات ، وانّما الخطاب لا يتوجه إلا إلى العقلاء ، وظاهر التنزيل من الآيتين المقدّم ذكرهما ، فلا معدل عن دليل الأصل ، وظاهر الكتاب إذا فقدنا الإجماع.
فإن قيل : فقد روي عن الرسول عليهالسلام أنه قال : أمرت أن أخذ الصدقة ، من أغنيائكم ، فأردّها في فقرائكم (١). ولا خلاف أنّ الطفل ، والمجنون ، متى كان لهما مال ، فهما غنيان ، فيجب أخذ صدقتهما على كل حال.
فأوّل ما نقوله في ذلك ، أنّ هذا من أخبار الآحاد ، التي لا توجب علما ولا عملا ، على ما قدّمناه ، ثمّ لو سلمناه تسليم جدل ، قلنا : هذا دليل لنا على المسألة ، دون المخالف فيها ، لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله ، واجه بخطابه البالغين ولم يواجه الأطفال والمجانين فظاهر الكلام على هذا الترتيب ، لا ينصرف عن المواجهين إلى غيرهم إلا بدليل ، والدليل يمنع من خالف القوم في الوصف ، وفارقهم في المعنى ، لعدم كمال العقل ، لاستحالة إرادتهم بالمواجهة ، والتفهيم ، والمخاطبة ، ووجوب كون الداخل في المواجهة له ، من حكم جواب المخاطبة ، ما كان لمن قصدهم المخاطب بالمواجهة ، مع قوله تعالى في الأمر له بأخذ الصدقات ( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها ) (٢) والطفل لا ذنب له ، فتكون الصدقة تطهيرا له منه ، والمجنون لا جرم معه ، فتكون التزكية كفارة له عنه ، على ما أسلفنا القول في ذلك ، وشرحناه.
والملك شرط في الأجناس كلها وكذلك النصاب ، والسوم شرط في المواشي لا غير ، وحئول الحول شرط في المواشي ، والدراهم ، والدنانير ، لأنّ
__________________
(١) مسند أحمد بن حنبل ج ١ ، ص ٢٣٣ مضمون الخبر
(٢) التوبة : ١٠٣.